فصلٌ: في حكم الفيء، والخمس، ووجوه مصرفهما

والنظر في هذا الفصل في شيئين:

الأول: في تفصيل أحكام الأموال المستولى عليها من الكفّار؛ ما يكون من ذلك فيه الخمس، أو يكون جميعه فيئاً، أو يكون بجملته لمن استولى عليه من غيرِ خمسٍ يلزم فيه، بحسب اختلاف أحوال الاستيلاء على ذلك.

والثاني: في وجوه مصارف الفيء والخمس، والاختلاف في ذلك.

* النظر الأول: في تفصيل أحكام الأموال بحسب أحوال الاستيلاء.

وأحوال الاستيلاء على أموال الكفار ثلاثة: إما أن يكون بمغالبةٍ وقهر، وإما بحيلةٍ وتَسَتُّرٍ، وإما عفواً لم يتقدم في تحصيله بشيءٍ من ذلك.

* فأما ما كان بطريقة المغالبة، فلا خلاف فيه أن له حكم الغنائم في إيجاب الخمس من جملته، وقسم سائره على الذين حاولوه وغلبوا عليه، إلا في أشياء مخصوصة من جملة ذلك، تقدَّم التنبيه عليها،

وذلك كالنَّفل والسَّلَب فيمن تبدل (?) ذلك لا يُخمَّس، وكالطعام يحتاج إليه الجيش في دار الحرب، والأرض تُقرُّ وقفاً على غير قسم -على مذهب من رأى ذلك- ونحو هذا ممَّا مضى الكلام عليه، وذُكِر الخلاف فيه مُفصلاً.

** وأما ما استولي عليه بحيلةٍ وتستُّر: كالسرقة من دار الحرب، والتَّلصُّص، ونحو ذلك، فلأهل العلم في ذلك قولان (?) :

أحدهما: أن ذلك كلَّه خاصُّ مِلْكِ المستولي عليه، وليس من أحكام الغنائم في شيء، ونحو ذلك يُروى عن أبي حنيفة -في الواحد أو الجماعة يدخلون دار الحرب بغير إذن الإمام ويغنمون-: أنه لا يخمس ما أصابوا، وهو لهم كلُّه، وقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015