أقبل سَيلٌ جاءَ من عند اللهْ ... يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّهْ

قال ابن عبد البر (?) : «إجماع (?) العُلماء على أنْ لا سلَبَ لمن قتلَ طفلاً، أو شيخاً هرماً، أو أجهز على جريحٍ مُثخنٍ، أو ذفَّفَ على من قُطِعَ في الحرب من أعضائه، ما لا يقدر معه على الدَّفع عن نفسه» .

قلت: لعلَّ ذلك إنما هو فيمن لم يقاتل من هؤلاء الأصناف، وهو على حالته تلك، فأما إذا كان يقاتل حتى قُتِل، فقد رُوي عن

الأوزاعي وغيره في الصَّبيِّ والمرأة والمصبور ما ذكرناه، ومنه (?) هذا الحديث: «من قتلَ قتيلاً فله سَلَبه» (?) ، يتضمَّن بعمومه من حيث اللغة هؤلاء الأصناف كلَّهم، قاتلوا، أو لم يقاتلوا.

وللنَّظر في تخصيصه علىمذاهب أهل العلم طريقان: الشرع والمفهوم.

فأما من جهة الشرع: فهو مخصَّص بمن أبيح قتله من الكفار، فلا يدخل في ذلك الذِّميُّ والمعاهدُ، ولا المرأة، ولا الغلام إذا لم يقاتلا، هذا بلا خلاف، وكذلك العُسَفاء (?) ، ونحوهم على مذهب من رأى النَّهي فيهم -أيضاً-، فأما إذا قاتل الغلام والمرأة، أو غيرهم؛ ممن يُلْحِقُهُ بهم مُلْحِقٌ في النهي عن القتل؛ فقد استبيح قتله بالشرع، وخرج أن يكون ممن اسْتُثْنِيَ من العموم، فوجب أن يكون الحكم في السَّلَب لقاتلهم؛ هذه طريقة ظاهرة.

وأما التخصيص من جهة المفهوم: فهو أن يُدّعى أن الذي فُهِم في تسويغ القاتل سَلَبَ المقتول وتخصيصه به دون الجيش: إنما هو لمكان الغَناء والجرأة في قتله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015