فقاتل عليه مبتاعُهُ اليوم الثاني، فلم يكن فتح، فباعه الثاني، فقاتل عليه الثالث يوماً ثالثاً، ففتح لهم: أن سهم الفرس لبائعه الأول؛ لأنه قتالٌ واحد، كما لو ماتَ بعد أول يومٍ، وقاتل عليه أحد ورثته في اليومين، أو لم يقاتل، أنَّ سهمه لورثته (?) .

فنقول: إن مرجع الخلاف في الفرس يموت أو يمرض بعد الإدراب به، وقبل حضور القتال عائدٌ إلى الأصل الذي نبَّهنا عليه في سبب اختلافهم في الغازي نفسه يموت بعد الإدراب، أو يمرض، أو يعترضه عائقٌ دون الإتمام، والظاهر هنا أن لا حقَّ لصاحب الفرس في سُهمان الخيل، إلا بعد أن يشهد به القتال حيّاً صحيحاً، أو مريضاً مرضاً لا يقطع الانتفاع به في بعض مشاهد الحرب، على ما فصَّلناه قبل هذا، وكما رجَّحنا هناك في حكم الغازي نفسه يعترض عن الإتمام: أن لا شيء له في الغنيمة، إن لم يحضر من مشاهد الحرب شيئاً.

فأما من باع فرسه بعد الإدراب، وقبل شهود القتال، فقد كان يجب أن لا يخفى على كلِّ قولٍ: أنه لاحقَّ لبائعه في سُهمان الخيل؛ لأنه لم يكن مغلوباً في خروجه عن يده، كما يكون ذلك في موت الفرس، أو مرضه، عند من رأى أن يُسهم لصاحبه، إذا كان قد أدرب به، وإنما هذا بمثابة ما لو رجع الغازي مُختاراً عن تمام غَزْوِهِ بعد الإدراب، وقبل القتال، فإنه لا حقَّ له في الغنيمة باتفاق، فإن خالف هنا أحدٌ فأوجب له سهمَ فارسٍ؛ فليس له على ذلك دليل، ولا نظرٌ يستقيم، بل هو خطأٌ محضٌ، وهو ظاهر ما ذهب إليه أبو حنيفة، حيث قال فيمن دخل أرض العدوِّ غازياً راجلاً، ثم ابتاع فرساً فقاتل عليه، فغنموا وهو فارس: أنه لا يضرب له إلا بسهم راجلٍ، فراعى حالة دخوله أرض العدو دون ما انتقلت حاله إليه بَعدُ، وكذلك يجيء على مذهبه هذا أن يكون له سهم الفارس إذا دخل بفرسه، ثم باعه قبل شهود القتال، وكل ذلك غير سديد.

أما بائع فرسه قبل شهود القتال به، فقد بَيَّنَّا وجه سقوط حظه؛ لأنه لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015