صالح، عن الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهابٍ، قال: كانت وقعة الأحزاب بعد أُحدٍ بسنتين، وذلك يوم حفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق، ورئيس الكفار يومئذٍ: أبو سفيان بن حرب، فحاصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضع عشرة ليلة، فخلص إلى المسلمين الكرب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -كما أخبرني سعيد بن المسيب-: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تُعبد» ، وحتى أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى عيينة بن حصن -وهو يومئذٍ رئيس الكفار من غطفان، وهو مع أبي سفيان-، فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُلث ثمر نخل المدينة، على أن يُخذِّل الأحزاب، وينصرف بمن معه من غطفان، فقال عيينة: بل أعطني شطر ثمرها، ثم أَفْعَلُ ذلك، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن معاذ -وهو سيّد الأوس-، وإلى سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج-، فقال: «إن عيينة سألني نصف ثمر نخلكم على أن ينصرف بمن معه من غطفان، ويُخذِّل بين الأحزاب، وإني أعطيته الثلث، فأبى إلا النّصف، فما تريان (?) ؟!» . فقالا: يا رسول الله، إن كنت أُمرتَ بشيء فافعله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو أُمرت بشيءٍ لم أستأمركما فيه، ولكن هذا رأْيٌ أعرضه عليكما» ، قالا: فإنا لا نرى أن نعطيهم إلا السيف، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فنعم» .
فزعموا أن موضع الدليل منه ما كان من صغوِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مصالحة عيينة على جزء من الثمر، ولا حجة في شيءٍ من ذلك؛ لأن الحديث لو لم يكن في رفعه متكلم؛ لكان مع ذلك لا دليل لهم منه؛ لوجوه: