يكُفُّوا عنهم؛ لأن القتل للمسلمين شهادة، والإسلام أعزُّ من أن يُعطى مشركٌ على أن يكفَّ عنه، قال: إلا أن يخاف المسلمون أن يصطلموا؛ لكثرة العدو، وقِلّتهم، أو خلّة فيهم، فلا بأس أن يُعطوا في تلك الحال شيئاً ليَتَخَلَّصوا منهم؛ لأنه من معاني الضرورات، يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها، أو يؤسر مسلم، فلا يُخلّى إلا بفدية، فلا بأس؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلين من المسلمين أسرهما العدو، برجلٍ (?) من المشركين» .

والأرجح ما ذكره الشافعي، أن ذلك لا يجوز لكل عذر، من مضرةٍ تُتّقى، أو مصلحةٍ تُرتجى، فإن في إعطاء المال لأهل الكفر على أن يكفوا صغاراً على أهل الإسلام، وذلك لا يجوز أن يستجلب بمثله مصلحة، أو يستدفع به ما لا يستأصل من المضرَّة، فإذا انتهى الأمر إلى خوف الاستئصال والاصطلام، بإحاطة العدو وقوته، وتحقق العجز عن مقاومته، جاز في هذه الحال؛ لأنه أيسر المكروهَيْن، والله أعلم.

وقد ظنَّ من ذهب إلى جواز إعطاء المسلمين المال في مصالحة العدو لضرورةٍ تَعْرِضُ في ذلك -وإن لم ينته الضَّعف بالمسلمين غايته- أن له دليلاً على ذلك، في حديث خرَّجه أبو عبيد في كتابه «الأموال» (?) . قال: حدثنا عبد الله بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015