الخاص، ومنعه في العام، وقال فيه: «إلا أن يكونوا يوم هادنوا قد اشترطوا ذلك» ، فأجازه إذا وقع العقد عليه؛ لأنَّ العهد لم يتناولهم إلا على ذلك، فلم يكن فيه إخلال بشيءٍ ثبت لهم في عقد الأمان. وقد رَوَى ابن القاسم عن مالك في «المدونة» (?) ما يخالف بعض ما في هذه الرواية، فقال: إذا كان الأصل في الهُدنة مثل السنة والسنتين فجائز أن يشتروا منهم أولادهم ونساءهم.
فأقول: قد لا يخالف شيء من ذلك القانون الذي أشرنا إليه، أما الرواية الأولى، فراعَى في ذلك ما ينافي معنى العقد في الهدنة الواقعة مطلقاً، من غير التفاتٍ إلى تأثير طول مدة الهدنة أو قصرها. أما الرواية الأخرى، فكأنه رأى فيها قصر المدة في الهدنة دليلاً على رفض الاستنامة إليها، وترك الاعتداد بالموادعة العارضة فيها، فلم يتضمن مراعاة حفظ المصالح على الإطلاق في الحال والمآل، وتوقّي ما يقدح في عواقب الأحوال، فكان للمدة القريبة في ذلك حكم الخصوص. هذا وجه هذه الرواية عندي، والرواية الأولى في التسوية؛ فتسوية المدة البعيدة والقريبة في ذلك أرجح، والله أعلم.
وقال الأوزاعي (?) في مصالحة الإمام أهل الحرب: «لا بأس أن يصالحهم على عدد سَبْيٍ يؤدونهم إلى المسلمين، قيل له: فإن كانت تلك الرؤوس والسبي من أبنائهم وأحرارهم يبعث بهم ملكهم إليهم؟، قال: لا بأس به، ولا يضره، من أحرارهم كان ذلك أو من غيرهم، إذا كان ذلك الصلح ليس بصلح ذمة وخراج، يقاتل من ورائهم، وتجري عليهم أحكام المسلمين، فلا بأس بذلك» .
وقال أحمد في أهل الذمة يصالحون أهل الإسلام على ألف رأسٍ كل سنة،