مسائل منقولة في افتراق أحكام الأمان
سُئل أَشهب عن علجٍ دخل بأمانٍ ليفدي امرأته، ففداها بفداءٍ رهن فيه ابناً له كان معه حتى يأتي بالفداء، فذهب فلم يأت، ما سبيل ذلك الابن؟ فقال: يُستأنى به، فإن جاء وإلا بيع عليه رقيقاً، واستوفى ماله، فإن فضلَ فضلٌ: حبسه لصاحبه حتى يأتي (?) .
قلت: هذا من الأمان الخاص، فلذلك أجاز فيه رهن من رضي بذلك، وبيعه في ذلك الحق، هذا إن كان الابن المرهون كبيراً رضي بذلك، وإن كان صغيراً فعلى ما ذكرناه من أنهم يرون قضاء أبيه عليه في مثل ذلك ماضياً.
ورُوي عن ابن القاسم أنه قال: «لو أن رومياً أهدى إليَّ ابنته لم يكن به بأس أن أطأها، أو غير ابنته، ولو سبى روميٌّ جاريةً ممن بيننا وبينه هدنة، مثلُ النُّوبة وما أشبههم، لم ينبغ أن أشتريها ولا أطأها» (?) . فهذا منه تشديدٌ وتفرقةٌ ظاهرةٌ بين أحكام أهل الهدنة في ذلك وغيرهم، ممن له أمان خاصٌّ، ألا تراه لم يستبح شيئاً منهم، وإن كان الذي سباهم غير الذي بَيْنه وبينهم الهدنة؟!.
وروي عن مالك أنه سئل، فقيل: إن قوماً من أهل الحرب يقدمون علينا بأبنائهم ونسائهم، أفنبتاعهُم منهم؟ فقال مالك: أَبَيْنَكُم وبينهم هُدنة؟، قالوا: لا، قال: فلا بأس بذلك. قال مالك: ولو كانت بينكم وبينهم هُدنة لم يجز لكم شراؤهم؛ لأن
لصغارهم من العهد مثل ما لكبارهم. قال مالك: وسواء كانت الهدنة بينكم وبينهم السنَة والسنتين أو إلى غير مُدة، إلا أن يكون يوم هادنوا قد اشترطوا ذلك، فيجوز ذلك (?) . ففرق مالك -رحمه الله- بين الهدنة -وهو الأمان العام- وبين من جاء مستأمناً من أهل الحرب في بيع ما يبيعون منهم، فأجازه في