وبين صاحبه القاتل ولا عهد، وهذا صحيح. ورأى أن قتل كعب بن الأشرف من ذلك، وفي هذا نظر، والله أعلم.
وها نحن الآن ذاكرون من المسائل المنقولة عن مالكٍ وغيره في (باب: متشابه الأمان، ومراعاة ما يُتَوَقَّى منه عند الإشكال) ما يتبيَّن بها وبأضرابها معتمدهم في البناء على ما أصَّلناه.
* مسائل من مُشكلات الأمان:
اختلف أصحاب مذهب مالك في الأسير من المسلمين في دار الحرب يكون مُخلًّى: هل يجوز له أن يَعْدُوَ على ما يستطيع فيهم، من مالٍ ونفسٍ، ويهرب؟ قال ابن القاسم (?) : الذي كنا نحفظه من قول من نرضى -وأنا أشك أن يكون مالكاً-، أنه إن كان أُرسل على أمانٍ، لم يحلَّ له أن يهرب، ولا أن يأخذ من أموالهم شيئاً، وإن أرسلوه على غير أمان، بمنزلة ما يملكون من الرقيق قوة عليه لا يخافونه؛ فليقتل وليأخذ ما شاء. فهذا التفريق من مالكٍ -رحمه الله- لا يعدو القانون المتقدم، وهو مراعاة اطمئنانهم: هل هو تعويلٌ على ائتمانه والثقة به، فلا يجوز له مع ذلك فعل شيء مما ينافي ذلك؛ لأنه يكون خيانة، أو إنما وَثِقُوا بِقُوَّتهم عليه وضبطهم، فيكون حينئذٍ: لا حرج عليه فيما فعل من ذلك كلِّه؟
وعنه في المسألة قولٌ ثانٍ؛ روى مطرفٌ وابن الماجشون (?) عن مالكٍ: أن له أن يهرب بنفسه، وإن أطلقوه على وجه الائتمان له والطمأنينة إليه، ما لم يأخذوا على ذلك عهده.
وجه هذه الرواية: أنه رأى اطمئنانهم إليه، وائتمانهم عاملاً في أن لا يخونهم في شيءٍ من دَمٍ أو مالٍ، ولم يرَ ذلك عاملاً في الفرار بنفسه؛ لأنه واجب عليه، لا