هذا لجاز أمان المجنون، لكن الأوْلى في تأمين الصبي إن نزلَ عليه الحربيُّ يَظُنُّه عاملاً عند المسلمين أن ينظر فيه الإمام، فإن رأى إجازته وإلاَّ ردَّه إلى مأمنه، وكذلك كل تأمينٍ وقعَ فيه غَلَطٌ على المسلمين، أو فسادٌ في العقد، أو كان ممن لا يجوز تأمينه، فإذا فسخ ذلك، رُدَّ الحربي إلى مأمنه، ولا يُغتال؛ للعلة التي نذكُرها بَعْدُ -إن شاء الله-، في صفة التأمين، ووجوب الوفاء به.

فصلٌ

الذِّميُّ يكون مع المسلمين، فيجير مشركاً؛ فذلك باطلٌ لا حكم له، لأن التأمين الذي يلزم المسلمين الوفاء به؛ هو: ما عقدوه، أو عقده واحدٌ منهم؛ يدل على ذلك ظواهر الكتاب والسنَّة، ومن جهة النظر أنه كافر، غير مأمونٍ في الدِّين، ولا ناصحٍ لجماعة المسلمين، فلم يلزمهم تأمينه، كالحربي. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ذمَّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً؛ فعليه لعنة الله» ، فهو

كالنصّ أن ذلك لا مدخل فيه لكافر، وأيضاً فهو مما لا خلاف فيه، إلا شيء وقع لقومٍ لما خشوا بعض الأمر، فتحرَّجوا منه. حكى ابن المنذر: قال إسماعيل بن عياش: سمعت أشياخنا يقولون: لا جوار للصبي، والمعاهد، فإن أجاروا فالإمام مخيَّرٌ، فإن أحبَّ أمضى جوارهم، وإنْ أحبَّ ردَّه، فإن أمضاه فهو ماضٍ، وإن لم يمضه، يعني: ردَّه إلى مأمنه.

قال ابن المنذر: وقد رُوينا عن الأوزاعي أنه قال: إن كان غزا مع المسلمين، فإن شاء الإمام أجاره، وإن شاء ردَّه إلى مأمنه (?) . وفي كتب المالكية (?) ، عن ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015