طريقا وسبيلاً إلى تعلقه به، وإيثارِ الفتنة به وسوءِ التأويل فيه، كما وصفَهم

بذلك في ظاهر التنزيل، فلا سؤال علينا في ذلك ولا مطعن.

قالوا: ومما يدلُّ أيضا على وقوع الخلل والتخليط في القرآن ما نجدُه

فيها من الحشو للكلام الذي لا معنى له نحو ما فيه من قوله: (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) ، والقولُ لا يكونُ إلا بالفم.

وقوله: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ) ، والكتابة لا تكونُ

إلا باليد، وقوله: (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) ، والطائر لا يطيرُ إلا

بجناحيه، وقوله: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) ، وقوله: (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) ، والسقفُ

لا يخزُ إلا من فوقهم، وقوله: (فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ) ، ولا معنى لذكر اليمين دون الشمال، وقوله: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) ، وأغبى الناس وأقلُهم ذهنا وبصيرة يعلمُ أن

ثلاثةً وسبعةً عشرة، فلا معنى لهذا الكلام.

فيقال لهم: لا تعلُّق لكم في شيء مما ذكرتُم لأمرين:

أحدهما: أنّ العرب قد تكررُ وتريدُ اللفظةَ التي معناها معنى ما قبلها

للتوكيد، وتستجيزُ ذلك وتستحسنه في عادتِها وصرف خطابها، ولذلك يقول القائلُ منهم: رأي عيني وسمع أذني، وكلمتُه من فمي، وسمعتُه من فيه، على وجه التأكيد للخبر، وكذلك قولهم: عجل عجل، وقُم قُم، فإذا ساغَ ذلك وجازَ تكرارُ الكلمةِ لتوكيد، كان تكرارُه بلفظين مختلفين أحسنُ

وأولى، والله سبحانه إنما خاطبَ العرب على عادتها، والمألوف من

خطابها، فسقط بذلك ما قُلتم.

والوجه الآخر: أن لكل شيءٍ مما أورَدتُموه معنىً زائداً صحيحا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015