بمنزلة العِهن والصوف والأثيم والفاجر، فيكون مما تختلف صورتُه في
النطق ولا يختلف معناه.
وقال الجمهورُ من الناس غير هذا، فزعم بعضُ أهلِ التفسير أن الطلحَ
هو زينةُ أهل الجنة، وأنه ليس من الطلعِ في شيء، وقال كثيرٌ منهم إنَّ الطلحَ
هو الموز، وقال آخرون إن الطلحَ هو الشجر العظامُ الذي يُظلُ ويُعَرش.
وإن قريشا وأهلَ مكة كان يُعجبُهم طلحاتُ وج - وهو واد بالطائف - لعظمِها وحُسنها، فأخُبِروا عن وجهِ الترغيبِ في الجنة طلحا منضودا يرادُ به متزاحم كثير، قالوا إنَّ العربَ تسمي الرجلَ طلحة، على وجه التشبيه له بالشجرةِ العظيمةِ المستحسنة، وإذا كان ذلك كذلك ثبتَ أن الطلعَ والطلحَ إذا قُرئ به كان مما تختلف صورُهُ ومعناه.
والوجه الرابع: أن يكون الاختلافُ في القراءتين اختلافا في حروف
الكلمة بما يُغَيرُ من معناها ولفظِها من السماع ولا يغير صورتها في الكتاب.
نحوَ قوله تعالى: (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا) ، (نُنشرها) بالإعجام، والانتشارُ الإتيان والزيادة، والإنشارُ الإنشاء والإحياء
بعد الممات، وقد أنزلَ القرآنُ كذلك، لأنّها منشأةٌ مبدعةٌ ومنشورٌ ومحياةٌ
بعد الممات فأريد إيداعُ المعنيين في القراءتين.
والوجه الخامس: أن يكون الاختلافُ بين القراءتين اختلافاً في بناءِ
الكلمةِ وصورتها بما لا يزيلها في الكتاب ولا يغير معناها، نحو قوله تعالى:
(وَهَل نُجَازِىَ إِلا اَلكَفُوَر) ، و (هل يجازى إلا الكفور) ، وصورة ذلك
في الكتاب واحدة، وقوله تعالى: (وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ)
بالضمة، و (بالبَخْل) بالفتح، و (ميسُرة) و (مَيْسَرَةٍ) بالنصب والضم.
و (يَعكفُونَ) ، و (يعكِفون) بالرفع والكسر، والصورة واحدةٌ