والجواب الثاني: أن يقال لهم قولكم بأنه صلى الله عليه وسلم أوجب لعلي على الخلق ما أوجبه لنفسه عليهم غير صحيح، لأنه قال في هذا الخبر: "ألست نبيكم والمخبر لكم بالوحي عن ربكم، وناسخ شرائع من كان قبلكم". فأثبت لنفسه النبوة، والإخبار بالوحي، وأنه ناسخ الشرائع، كما أثبت لنفسه الولاية عليهم، فلما لم يشاركه علي - رضي الله عنه - بالنبوة ولا بالوحي ولا بنسخ الشرائع لم يشاركه بالولاية، وعلى أنه لو كان صحيحاً لكان علي ثابت الولاية عليهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يقوله أحد، فثبت أن قوله "من كنت مولاه فعلي مولاه "ليس المراد به الواي، لأن المولى لفظة مشتركة تقع على معان مختلفة منها: المولى: يقع علي المولى من أعلى وهو المعتق، وهذا لا إشكال فيه ويقع على المولى من اسفل وهو المنعم عليه، قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُم} ْ1 والمولى: يقع على ابن العم والعصبة، قال الله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي} 2. قال في التفسير: بني العم3.

قال الشاعر:

مهلا بني عمنا مهلا موالينا ... لا تظهروا بيننا ما كنا مدفونا

لا تحسبوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا4

وأراد بالمولى هنا: ابن العم، والمولى يقع على الناصر، قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} أي ناصرهم {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} 5أي لا ناصر لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015