فوقها فهو تحت التحت وأنه فوق الفوق والأشياء تحته وهذا متنقاض، فإن احتجوا بقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} 1، وبقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} 2.
فالجواب: أن المراد بالآية {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} أي من حديث بين ثلاثة إلا هو رابعهم بالإحاطة والعلم لا في العدد لأنه واحد لا من عدد ولا واحد في معناه3، وكذلك المعنى في قوله تعالى: {وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ} . إلى قوله: {إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} ، يريد بالإحاطة والعلم لا بالذات والحلول.
يدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} الآية.. إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فبدأ الآية بالعلم وختمها بالعلم، فدل على أن المراد بذلك كله الإخبار عن علمه وإحاطته بهم في جميع هذه الحالات4.
فإن احتجوا بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ} 5 فأخبر أنه إله بكل واحد منهما.