ثم قال المخالف: وأما قول1 المستدل إنه لا يسأل من الله إلا ما يجوز وقوع ضده منه، فليس الأمر كذلك، لأن الله تعالى قال: {قَالَ2 رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} 3، فأمر نبيه أن يسأله أن يحكم بالحق وإن كان ضده الحكم بالباطل.

والجواب أن يقال: إن الله أمره أن يسأله تعجيل النصفة منه4 بما كذبوه فقال {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَق} أي عجل حكمك بالحق ولا تؤخره، لأن لله أن يقدم ذلك وله أن يؤخره، فقتلوا يوم بدر ويوم الأحزاب ويوم أحد، ولم يسأله وهو شاك أنه يحكم بغير الحق، وإنما أمره الله أن يسأله بتعجيل ذلك منهم5، كما أخبر عن نوح {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} 6 وقد أخبر الله عن نوح أنه قال: {وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاّ ضَلالاً} 7، والزيادة في الضلال عن الدين، فدل على أنه يجوز وقوع ذلك من الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015