الاهتداء إلى المَهدي1 ثم قال: {وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} وأراد بالإضلال هاهنا ضد الهداية وهو الإضلال عن الدين ثم قال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} فأخبر أن الذين أضلهم في الدنيا عن الدين هم الذين ذرأهم لجهنم، فيحمل كل خبر على فائدة متجددة ولو حملناه على صنعه بهم2 في الآخرة لكان الخبران خبراً3 عن شيء واحد.

والوجه الثاني: مما يدل على أنه أراد بالذرء هو خلقهم في الدنيا أنه قال: {كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} وكثيراً لفظه لفظة النكرة يدل على أنه لا يعود على نكرة متقدمة4 فلو كان المراد به الذين ماتوا مصرين على الكفر لأخبر عنهم بلفظ المعرفة كقوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ} 5.

والوجه الثالث: أنه وصفهم بأنهم ليس لهم قلوب يفقهون بها، بل ختم على قلوبهم عن الهدى وعلى أسماعهم فلا تسمع آذانهم الإيمان، وعلى أبصارهم، فقال: {إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأنْعَامِ} ، لأن الأنعام ليس لها همة غير الأكل والشرب، بل هم أضل من الأنعام، لأن الأنعام تبصر مضارها ومنافعها وهم لا يعلمون، وهذه الصفات لا تصلح إلا لمن هو6 من أهل الدنيا، فأما أهل النار فلا تضرب الأنعام مثلا لهم لأنها ليست دار7

طور بواسطة نورين ميديا © 2015