ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ} 1 أي خلقكم في الأرض {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي بعد الموت ومثلها قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيه} 2 أي يخلقكم في أرحام الأزواج3، وقيل يكثركم بالتزويج4، وفي الحديث عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "إني أظنكم آل المغيرة ذرأ النار"5 أي خلقها، فهذا يبطل تأويله الأول.

وأما الدليل على إبطال تأويله الثاني وأنه أراد خلقناهم بعد الموت فمن وجوه:

أحدها: أنه أخبر قبل هذا6 بقوله: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ، ثم قال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرا} الآية. فأخبر سبحانه أن من يهديه فهو المهتدي، والمراد به من يوفقه ويسدده للإيمان به وطاعته فهو المهتدي لذلكن ولا يجوز حمله على الثواب، لأن الثواب لا يسمى هدى على ما مضى7 ولو جاز أن يسمى الثواب هدى لم يقل هاهنا {فَهُوَ الْمُهْتَدِي} ، وإنما كان يقول فهو المُهدي8، فلما قال المهتدي نسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015