تكليف ولا ينفع فيها الاهتداء بالعقل1 والسمع والبصر.

والوجه الرابع: أنه قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} أي ولا يوصف بالغفلة إلا أهل الدنيا الذين غفلوا عن الاعتبار بما يدلهم من خلق الله على معرفته.

وأما قول المخالف: بأنهم لم يكونوا في الدنيا ليس لهم قلوب ولا سمع ولا بصر، فالجواب أنه أراد أنهم لمالم ينتفعوا بالاعتبار بقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم صاروا كمن لا قلب له ولا سمع ولا بصر كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} 2، فوصفهم الله بوصف من في القبور حيث لم ينتفعوا بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وقال سبحانه: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} 3، فسماهم الله موتى وصما حين لم ينتفعوا بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يكونوا كذلك وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم (تسمع) ولم يرد نفي أسماعهم في آذانهم، لأنهم قد سمعوا ذلك بآذانهم ضرورة، وإنما أراد بغض إسماع النبي صلى الله عليه وسلم لهم4 الهداية لهم5 بما أسمعهم بدليل قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} 6.

وأما استدلال المخالف بقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً..} الآية، فلا ننكر أن الله يحشرهم عمياً وبكماً وصماً يوم القيامة مجازاة منه على عماهم وصممهم في الدنيا عن الدين.

وأما تأويل المخالف الثالث بقوله: إن الله خلقهم في الدنيا للعبادة إلا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015