43- فصل
ومن الدليل لنا1 قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا2 قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} 3، وقوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} 4، وقوله تعالى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} 5.
فأجاب القدري وقال: المراد بقوله: {فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} شددنا عليهم التكليف بالامتناع عن عبادة العجل وامتحناهم بمخالفة السامري ولم يرد أضللناهم بل قال: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} .
وأما قوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} فالمراد به امتحناك بما كلفناك من القيام بأمر النبوة.
والجواب: إن الفتنة أريد بها الاختبار والامتحان والابتلاء في بعض الآيات، فالحجة لنا فيها على القدرية، لأن عندهم أن الله سبحانه لا يفعل بالعباد إلا ما فيه الصلاح لهم6 ولا مصلحة لهم في أن يبتليهم ويمتحنهم بما يشاء ويعرضهم للمخالفة لأمره7 فيعاقبهم على ذلك مع علمه أن كثيراً منهم يخالفه8 في فعل ما نهاه عنه، فلما ثبت ذلك علم أنه يفعل بعباده ما شاء ولا يخرج بذلك عن الحكمة والعدل9.