فإذا تقرر هذا كان حمل هذه الآية وهي قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} 1 على تطهيرها من الشرك والذنوب على ما تقرر في هذه الآيات2 أولى.
وأما حمل الآية3 على المعنى الثاني: وأنه أراد بالتطهير الحكم بطهارتها أي يشهد لها بالطهارة كنحو التزكية وغيرها مما ذكر، فإن هذا تعسف في التأويل، وهل يجد حجة على قوله إلا4 أن التطهير على وزن التعديل والإشراك5 لما خالف ذلك مذهبه، والمذهب تتبع الأدلة لا تتبع المذاهب، وإنما قصده بذلك التمويه على الطغام والعوام ومن لا خبرة له بحقيقة مذهبه، وإن صح في التطهير أنه الحكم بتطهير قلوبهم فإن الحكم هو القضاء بتطهير قلوبهم فيكون حجة لنا أيضاً.
وأما قول المخالف: إن الزيادة في الهدي تختص بالمؤمنين الذين اهتدوا بالهدي العام6 كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً} 7، وقوله: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً} 8 فلا نسلم له أنهم اهتدوا قبل الزيادة بأنفسهم، بل الله الذي هداهم ثم زادهم هدى لقوله9 تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} 10، وقوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} 11.