أما الباب الّذي جاء به المعتصم ونصبه على أحد أبواب دار الخلافة فقد أورد الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 هـ: «وهو باق حتى الآن منصوب على أحد أبواب دار الخلافة وهو الباب الملاصق مسجد الجامع في القصر» . وقال ابن الطقطقى: «وهو الآن على أحد أبواب دار الخلافة ويسمى باب العامة» . ودار الخلافة كما جاءت أخبارها عند الخطيب والجهشيارى وياقوت وابن الساعي ومؤلف مناقب بغداد [1] هي القصر الحسنى الّذي كان لجعفر البرمكي الّذي نزل عنه للمأمون ومن ثم صار للحسن بن سهل ثم لابنته بوران فاستنزلها عنه الموفق أو المعتمد أو المعتضد على خلاف. وكان المعتضد أول من نزلها فكثرت حولها العمارات ولم يكن هناك سور حتى سنة 488 هـ حين بنى سور لها فأعاد المسترشد باللَّه عمارته في سنة 517 هـ وجعل للسور أربعة أبواب. وكان عرض السور اثنتين وعشرين ذراعا. وتهدم هذا السور في سنة 554 هـ في خلافة المقتفى لأمر الله لازدياد ماء دجلة وانفتاح القورج فأحاط الماء بالسور فانثلمت منه ثلم عجزوا عن سدها فاتسعت فتهدم معظم محال بغداد فتقدم المقتفى بعمل مسناة حول السور فعمل بعضها وتوفى وولى المستنجد فعمل منها قطعة وتوفى فأكملها المستضيء.
إن قول المؤرخين: «على أحد أبواب دار الخلافة» يعنون أحد أبواب حريم دار الخلافة قال ياقوت في مادة «حريم» من معجم البلدان: «حريم دار الخلافة ويكون بمقدار ثلث بغداد وهو في وسطها ودور العامة محيطة به وله سور يتحيز به، ابتداؤه من دجلة وانتهاؤه إلى دجلة كهيئة نصف دائرة وله عدة أبواب أولها: من جهة الغرب باب الغربة وهو قرب دجلة جدّا ثم باب سوق التمر وهو باب شاهق البناء أغلق في أول أيام الناصر لدين الله ابن المستضيء واستمر إغلاقه إلى هذه الغاية (يعنى سنة 626 هـ) ثم باب البدرية ثم باب النوبي وعنده العتبة التي تقبلها الرسل والملوك