تحت دار المملكة ببغداد ونقل أهل البلد كلهم إليها وحوط عليها سورا محكما هو باق إلى الآن» .
وهذه كلها إشارات لا يمكن حصرها بزمن معين وهي إلى ذلك لا تسعفنا في التعرف على شيء من حياته في بغداد. فإن المعروف أن طغرلبك وسّع دار المملكة البويهية التي بناها عضد الدولة فقد جاء في كتاب مناقب بغداد المنسوب لابن الجوزي ما نصه:
«فأما دار المملكة المختصة بالسلاطين فإنّها كانت بأعلى المخرّم وكانت دارا لسبكتكين غلام معز الدولة فنقض عضد الدولة أكثرها وأراد أن يعمل ميدانها بستانا ويأتى بماء من الخالص فشق نهرا في وسطها فبلغت النفقة خمسة آلاف ألف درهم غير ما أنفق على أبنية الدار. ولما ورد طغرلبك بغداد في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة عمّر هذه الدار وبنى مدينة عند المخرّم. وتقدم ملك شاه ببناء خانات للباعة هناك وسوق ودروب وبنى الجامع هناك ثم إن دار المملكة خربت فاستجدها بهروز في سنة تسع وخمسمائة وحمل إليها أعيان الدولة الفرش الحسنة والأشياء الرائقة واستدعى القراء والصوفية فقرءوا فيها القرآن ثلاثة أيام متوالية.
فلما كانت سنة تسع عشرة وخمسمائة مرت جارية في الليل وبيدها شمعة فوقعت النار في الخيش فاحترقت الدار وكان السلطان على السطح فنزل هاربا إلى سفينة» [1] وأخيرا هدمها الخليفة الناصر لدين الله سنة 583 هـ وعفى أثرها ولم يبق إلا الجامع المعروف بجامع ملك شاه ليقطع أطماع طغرل الثالث بن أرسلان شاه السلجوقي الّذي حاول استرداد سلطة السلاجقة على بغداد.