إذا قدموا بغداد. ثم باب العامة وهو باب عمّورية أيضا، ثم يمتد (السور) قرابة ميل ليس فيه باب إلا باب البستان قرب المنظرة التي تنحر تحتها الضحايا، ثم باب المراتب بينه وبين دجلة نحو غلوتى سهم في شرق الحريم. وجميع ما يشتمل عليه هذا السور من دور العامة ومحالها وجامع القصر، وهو الّذي تقام فيه الجمعة ببغداد، يسمى الحريم. وبين هذا الحريم المشتمل على منازل الرعية وخاص دار الخلافة التي لا يشركه فيه أحد سور آخر يشتمل على دور الخلافة وبساتين ومنازل نحو مدينة كبيرة» . وأعاد ياقوت وصفه هذا في كتابه الآخر: «المشترك وضعا والمختلف صقعا» فقال: « ... ثم باب العامة ويقال لها باب عمّورية» [1] . من وصف ياقوت لحريم دار الخلافة يتوضح لدينا أن الباب قد نصب على سور الحريم وليس على أحد أبواب دار الخلافة. وأن دار الخلافة كان لها سور تتحيز به. قال الخطيب البغدادي:

«ثم استضاف المعتضد إلى الدار مما جاورها كل ما وسعها به وكبّرها وعمل عليها سورا جمعها به وحصّنها» [2] .

فإذا صح افتراضنا أن ابن العمراني قد نقل هذا الخبر من تاريخ بغداد، فإن الخطيب البغدادي لم يصرح بأن المعتصم جاء بباب عمّورية ونصبه على أحد أبواب دار الخلافة وكل ما قاله: «وجاء ببابها إلى العراق وهو باق حتى الآن منصوب على أحد أبواب دار الخلافة ... » ولا يصح أن ينصبه على سور بنى بعده في زمن المعتضد باللَّه (بويع سنة 279 هـ وتوفى سنة 289 هـ) ، أو على سور الحريم حيث يوجد باب عمّورية الّذي كان قائما حتى سنة 463 هـ[3] وبعدها. فلعل قول الخطيب «إلى العراق» يعنى «إلى سامراء» ، ثم نقل هذا الباب من سامراء ونصب على أحد أبواب سور حريم دار الخلافة بعد أن انتقل الخلفاء من سامراء إلى بغداد واتّخذوا القصر الحسنى دار الخلافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015