يجب عليه أن يقاتل عن نفسه ولا يجوز له ترك ذلك مع القدرة. قال في رواية أبي الحارث إن كان الغالب على أمره منهم أنه إن أعطى [ما] بيده قبل فليدفع عن نفسه بطاقته ما استطاع فقد أطلق القول بالدفع فيحتمل أن يكون هذا على طريق الوجوب ويحتمل أن يكون على طريق الندب. أما وجه الوجوب فقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ولأنه لما لزمه أن يحي نفسه يأكل الطعام والشراب وجب عليه أن يحيها بالدفع عنها، وكذلك يجب عليه أكل الميتة. والوجه في نفي الوجوب وهو قياس المسألة التي تقدمت وأنه لا يحسن الانكار مع خوف القتل، ما روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه حصر فترك الدفع عن نفسه ومنع عبيده وأصحابه من الدفع عنه ولو كان واجبًا لم يمتنع من ذلك. فإن قيل يحتمل انه لم يتحقق انه يقتل فلهذا لم يدفع. قيل امارات القتل ظهرت، ولاحت، ومع هذا امتنع من الاستغاثة بعبيده وبغيرهم. فإن قيل يحتمل أن يكون امتنع من القتال خوفًا على الحرم وهو أن يحصل اللطف بهم. قيل هذا المعني موجود إذا ترك قتالهم لأنه لا يأمن أن يقدموا على سبي الحرم كما أقدموا على قتله. ولأن الإنسان قد يكون له قصد صحيح بأن لا يدفع