اللهّم إلا خلافا شاذاً مرويا عن الحسن البصري والشعبي وسنذكر هذا الخلاف تتميما للفائدة وتبييناً للحق، إذن المنقول في ذلك من مذهبان: مذهب الجمهور وهو المعتمد والمشهور والمعمول به، ومذهب الحسن البصري والشعبي. ولنبدأ بمذهب الجمهور ونذكر أدلتهم ونثنِّي بالمذهب المخالف مع الإشارة إلى أدلة هذا المذهب وما أورد عليها من المناقشات.
فنقول وبالله التوفيق: ذهب جمهور الفقهاء قديما وحديثا من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى وجوب الإحداد على المرأة المتوفى عنها زوجها على تفصيل في ذلك نذكره قريبا إن شاء الله تعالى1.
وإنما ذهب الفقهاء هذا المذهب للمنقول والمعقول وإجماع الصحابة.
أما المنقول فنورد منه ما يأتي:
أـ عن حميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة أنها قالت: دخلت على أم حبيبة حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً"، قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمسّت منه ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً"، قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفَنُكَحِّلُها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: "لا "، ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشراً". متفق عليه مختصراً.
ب ـ عن أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشراً"2.
فقد دلّ هذان الحديثان وما في معناهما على وجوب الإحداد على المرأة المتوفى عنها زوجها وهما نص في الموضوع ووجه الاستدلال من ذلك هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إلا على زوج أربعة