والحاصل أن الاقتصار على مورد النص هو الذي تقتضيه قواعد الشرع عملا بالبراءة الأصلية فيما عداه, فمن ادّعى وجوب الحداد على غير المتوفى عنها زوجها فعليه الدليل.
إذا تبين هذا فاعلم أنهم لم يختلفوا في عدم وجوب الحداد على المعتدة الرجعية على ما بينا بيد أن فقهاء الشافعية اختلفوا فيما بينهم هل يسن لها الحداد أولا؟ على قولين: أحدهما: يسن, والثاني: لا يسن لها الحداد بل أولى لها أن تتزين بما يدعوا الزوج إلى رجعتها, وضعف هذا الاحتمال أن يظن أنها فعلت ذلك إظهارا للفرح بفراقه وعلى تقدير صحته فينبغي تخصيصه بمن ترجو عودته1. والمعمول به الأول.
كذلك لم يختلفوا فيما أحسب في إباحة الحداد على المبتوتة بل إن فقهاء الشافعية يرون أن أقل أحواله الاستحباب لئلا تدعو الزينة إلى الفساد.
وقد نقل صاحب المبدع الإجماع على جواز الحداد من المبتوتة وبين أنه لا يُسَنُّ لها2.
وبهذا تعلم أن اختلاف الفقهاء في هذه المسألة إنما هو في الوجوب فقط.