الخطاب به خطاب تكليفي فلو اكتحلن أو لبسن المزعفر واختضبن لا يأثمن لعدم التكليف به1.

هذا ما استدل به الفريقان بالنسبة لهذه المسألة وهي مشكلة كما نرى ووجه الإشكال هو أن الصغيرة لا تخاطب بفروع الشريعة من الصوم والصلاة والحج لأنها فاقدة للأهلية وهي التكليف فالخطاب إنما يتوجه إلى المكلفين, وعموم السنة التي استدل بها الفقهاء على وجوب الحداد قاضية بوجوب الحداد على كل امرأة من غير فرق بين الصغيرة والكبيرة, زد على هذا أن العدة واجبة من غير فرق أيضا, وقد قلبت النظر في هذه المسألة كثيراً لعلي أهتدي إلى الراجح منهما وبعد نظر طويل وتفكير عميق شرح الله صدري بترجيح القول الأول وهو وجوب الحداد عليها وذلك لما يأتي:

1 ـ أن الصغيرة المتوفى عنها زوجها لا يجوز لها أن تفعل شيئا من المحرمات كالزنا والخمر والسرقة وغيرها من المحرمات, والولي مطالب بمنعها فإذا لم يمنعها من الوقوع في الفعل المحرم فهو آثم, ومن ذلك ترك الحداد وفعل ما ينافيه كالطيب وسائر أنواع الزينة, فكما أنّ الولي لا يجوز له أن يمكِّنَها من ارتكاب سائر المحرمات فكذلك لا يجوز له أن يمكّنها من ترك الحداد وهو مخاطب بذلك كما يفيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرّقوا بينهم في المضاجع"2 , فلو لم يفعل الولي ذلك فهو آثم ولاشك, وكذلك ما نحن فيه.

2 ـ أنّ وجوب العدة على الصغيرة لا خلاف فيه عند أئمة الفتوى فيما علمنا, يوضحه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} . (سورة البقرة: 234) . والصغيرة زوجة والتنكير يفيد العموم والعدة عبادة وهي لازمة للصغيرة فهل يقول قائل إنها تجب هنا ولا يجب الحداد هنالك, فإن كان كذلك فهو مطالب بالدليل على وجود الفرق.

3 ـ نعم الصغيرة لا تخاطب بفروع الشريعة وإنما الولي هو المطالب بمنعها من فعل المحرمات على ما بينا, ألا ترى أن الولي لوليّ بالحج عن الصغيرة أو الصغير؟. كانت أحكام الحج لازمة لوليها بمعنى أن الولي لا يمكنه من فعل محظورات الإحرام من الطيب واللبس ونحو ذلك فلو فعل ذلك كان آثما فأي فرق بين المسألتين إنني لا أجد فرقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015