عَن رُؤْيَة مَا كنت ترَاهُ على الْجِدَار أمامك وَغَابَ ذَلِك الظل الَّذِي كنت ترَاهُ فِي ذَلِك الْغُبَار وَالدُّخَان بغلبتهما عَلَيْهِ

فَكَذَا الَّذِي أَضَاء صَدره من نور قلبه كلما ذكر فِي شَيْء من أُمُور الْآخِرَة وشأن الْقِيَامَة والدارين تصورت صُورَة تِلْكَ الْأَشْيَاء لعَيْنِي فُؤَاده لِأَن ذكر تِلْكَ الْأَشْيَاء إِذا تصورت صَارَت الصُّور ظلا فِي الصَّدْر قبالة عَيْني الْفُؤَاد لِأَن الضَّوْء من نور الله فِي صَدره فَإِذا جَاءَت صور الْأَشْيَاء وَقع للصور ظلّ فِي ذَلِك الطّور لِأَنَّهُ عَلَيْهِ النُّور وَلَكِن حجبت صور الْأَشْيَاء عَيْني الْفُؤَاد عَن رُؤْيَة النُّور بِمِقْدَار مَا تصور

أَلا ترى أَنه إِذا انْتقل من فكر المخلوقين إِلَى فكرة جلال الله وعظمته ازْدَادَ الضَّوْء وَلم تقع لتِلْك الفكرة صُورَة لِأَن ضوء هَذِه الفكرة زِيَادَة فِي ذَلِك الضَّوْء لِأَنَّهُ مِنْهُ فكر وَمِنْه 63 حدث الضَّوْء ثمَّ عَاد إِلَى مَا حدث مِنْهُ وَلم يكن لَهُ ظلّ

وَإِذا فكر فِي أَمر الْجنَّة وَالنَّار وَالْقِيَامَة وكل شَيْء مَخْلُوق صَارَت تِلْكَ الصُّور الَّتِي تصورت بالفكر حجبا لعَيْنِي الْفُؤَاد عَن ذَلِك النُّور بِمِقْدَار الصُّور فَلذَلِك سميناه ظلا فَإِذا عاين ذَلِك الظل على تِلْكَ الصُّور صَار كَأَنَّهُ يُشَاهد بعيني فُؤَاده مَا يعاين غَدا بعيني رَأسه فِي الْآخِرَة وَإِذا لحظ إِلَى عَظمَة الله وجلاله أشرق الصَّدْر وَصَارَ ذَا شُعَاع كُله فَهُوَ فِي ذَلِك الْوَقْت كَأَنَّهُ يُشَاهد بعيني فُؤَاده مَا يُشَاهد من الْوُقُوف بَين يَدَيْهِ وَالنَّظَر إِلَى جَلَاله وَإِذا خلا من النَّفس وشهواتها ثار دخانها إِلَى الصَّدْر فَامْتَلَأَ هَذَا الصَّدْر دخانا وغبارا الدُّخان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015