"القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات"1.

دلالة السياق على هذا المعنى:

تقدم2 أن السياق من سورة "النحل" الَّذِي ورد فيه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلَى} ، ركز على تقرير تفرد الله بالألوهية، وإبطال الشرك، ونفي أن يكون لله ند أو مماثل من أي نوع كان، والنهي عن ذلك بقوله: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} .

فالمشركون وصفوا الله بأوصاف سيئة، حيث نسبوا له الشركاء والأنداد، ووصفوه بالتوالد، ومردّ ذلك إلى أنهم ما قدروا الله حق قدره، وما أثبتوا له المثل الأعلى والوصف الأكمل اللائق به سبحانه.

إنهم يقرون بأنه إله، ويعبدونه. وهذا وصف صحيح وكمال.

لكنه لا يكفي لصحة الإيمان حتى يأتوا بالوصف الأكمل، وهو التوحيد باعتقاد أنه لا إله غيره، ولا معبود سواه، ويخلصوا له العبادة.

فالوصف بالألوهية وصف عال، لكنه لا يكفي ولا ينفع حتى يثبت الوصف الأعلى، وهو أن الله وحده المتصف بالألوهية وجميع خصائصها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015