وأشمل قول حصر معظم المعاني الصحيحة التي يفسر بها "المثل الأعْلَى" هو ما ذكره الإمام ابن القيم - رحمه الله - بقوله:

"المثَلُ الأعْلَى يتضمن الصفة العليا، وعلم العالمين بها، ووجودها العلمي، والخبر عنها وذكرها، وعبادة الرب سبحانه بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه.

فها هنا أربعة أمور: ثبوت الصفات العليا لله سبحانه في نفس الأمر، عَلِمها العباد أو جهلوها، وهذا معنى قول مَن فسره بالصفة.

الثاني: وجودها في العلم والتصور، وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف: إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه من معرفته وذكره ومحبته وجلاله وتعظيمه.

وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشترك فيه غيره معه بل يختص به في قلوبهم كما اختص به في ذاته، وهذا معنى قول من قال من المفسرين: أهل السماء يعظمونه ويحبونه ويعبدونه، وأهل الأرض يعظمونه ويجلونه، وإن أشرك به من أشرك، وعصاه من عصاه، وجحد صفاته من جحدها، فكل أهل الأرض معظمون له مجلون له خاشعون لعظمته مستكينون لعزته وجبروته، قَال تعالى: {بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} 1 فلست تجد أحدا من أوليائه وأعدائه إلا والله أكبر في صدره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015