وكانت المرآة في محاذاة اللوح المحفوظ انكشف فيه حقائق العلوم ... "1.

وهذه المزاعم الخبيثة الباطلة، المعارضة لدين الله، والمؤيدة لدين الشيطان، لم يجد عليها دليلا صحيحا - وأنى له ذلك - فعمد إلى إيراد مثل مزخرف يستدل به لهذه الأباطيل فقال:

"ونحن نبين الفرق بين التعلم والتصوف بمثال في حكاية: قد حُكي أن أهل الصين وأهل الروم، تباهوْا بين يدي بعض الملوك بحسن النقش والصور، فاستقر رأي الملك على أن يسلم إليهم صفة، تنقش أهل الصين منها جانبا، وأهل الروم جانبا، ويرخى بينهما حجاب يمنع اطلاع كل فريق منهم على صاحبه، ففعل ذلك، وجمع أهل الروم غرائب الأصباغ، ودخل أهل الصين يصقلون جانبهم، فلما فرغ أهل الروم ادعى أهل الصين أنهم أيضا قد فرغوا، فتعجب الملك منهم! وقال: كيف الفراغ ولم تأتوا بشيء من الأصباغ؟

فقيل: ما عليكم من ذلك، ارفعوا الحجاب وتأملوا. ففعلوا ورفع الحجاب، فإذا عجائب الأصباغ والألوان والنقوش، تزهر وتتلألأ بزيادة بريق وصفاء. إذ كانوا هم يصقلون ما دام غيرهم ينقش.

فالصوفية يصقلون، والعلماء ينقشون، فما ينكشف لهم بزيادة، ووراء ما يحصله العلماء، ينكشف لهم أمور لا يتصور إليها بتكلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015