"والبحر أخوف ما يكون إذا توالت أمواجه، فإذا انضم إلى ذلك وجود السحاب من فوقه زاد الخوف"1.
فالخوف والوحشة، والقلق والحيرة، مردّها إلى الكفر الذي يبعد النفس عن اللَّه فتستوحش وتخاف، وإلى الغفلة عن ذكر اللَّه الذي به طمأنينة النفس وسكونها، وإلى الجهل بنور الهداية الذي يكشف معالم الطريق.
وقد بين الإمام ابن القيم - رحمه اللَّه - أسباب الوحشة والخوف، وأن مردها إلى البعد عن اللَّه بالكفر والمعاصي، وأنه كلما زاد العبد بعداً زاد خوفه ووحشته، وقلقه وحيرته.
من ذلك قوله - رحمه اللَّه - في معرض بيانه لعقوبات المعاصي: "ومن عقوباتها ما يلقيه اللَّه - سبحانه - من الرعب والخوف في قلب العاصي فلا تراه إلا خائفاً مرعوباً، فإِن الطاعة حصن اللَّه الأعظم، مَنْ دَخَلَهُ كان من الآمنين من عقوبات الدنيا والآخرة، ومن خرج منه أحاطت به المخاوف من كل جانب"2 وقال أَيضا: "ومن عقوباتها أنها توقع الوحشة العظيمة في القلب، فيجد المذنب نفسه مستوحشاً قد وقعت الوحشة بينه وبين ربه وبينه وبين الخلق، وبينه وبين نفسه، وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة"3.