ومن ذلك إضلاله للكافرين، فإِن اللَّه عالم بأنهم سيقصدون طريق الزيغ والضلال، فكتب عزمهم ذلك، ثم إن الحكمة تقتضي أن يمكنوا من ذلك الضلال، فأراده منهم وأذن لهم به، لعلمه بحالهم وأنهم أهل لذلك.

فكتب ذلك الفعل الذي أذن لهم بفعله كوناً. وكتب ما يتعلق بوقوعه من التفاصيل. وكل ذلك عن علم بأفعالهم، وحكمة في إرادتها وتقديرها.

فاللَّه - سبحانه - أضلهم بمعنى أنه أراد منهم ذلك كوناً، وأذن لهم به، ومكنهم منه، وقدره عليهم، إذ أن الحكمة تقتضي ذلك.

وهم ضلوا حيث قصدوا طريق الضلال، ومارسوه وباشروه بما أعطاهم اللَّه من قدرات، وهيأ لهم من أسباب.

وعِلْمُ الله وكتابته لا تأثير لها في مقاصدهم وأعمالهم، وإنما هم قصدوها بطوعهم واختيارهم، وفعلوها بقدراتهم وأسبابهم، واللَّه لم يزل عالماً بتلك الأفعال فكتبها عليهم، وإذا جاء الأجل أذن لهم بفعلها ومكنهم منها. فإذا فعلوها جازاهم عليها بما يستحقون من الختم والطبع والعقوبات التي تقتضيها حكمته. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015