أن الله تعالى بين أن الكفار الَّذِين كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعوا بين الشرك بالله، والكفر باليوم الآخر هم مجمع السوء ومثله.
فآلهتهم التي يعبدونها آلهة سيئة، فهم عبدوا الطاغوت، والأوثان، التي لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنهم شيئا، واتخذوا الشياطين أولياء من دون الله، وقلوبهم فاسدة، هي مجمع الشرك والعقائد الباطلة، والظنون السيئة بالله تعالى، وما يتولد عنها من الإرادات الخبيثة.
وأعمالهم وأقوالهم وأحوالهم خبيثة سيئة، صائرة إلى الشر والفساد، لا يردعهم عنه رادع. وهم المستحقون لذلك النار مثل السوء، ومجمع الشر ومنتهاه، أعاذنا الله منها.
وأن الله قابل تلك الأحكام السيئة التي وصفوه بها، مِن جَعلهم له الشركاء والبنات ونحوها، ببيان تفرده بالمثل الدال على تفرده بالألوهية والربوبية، وسائر صفات الكمال، وأن له من كل كمال مطلق أكمله وأعلاه، وأنه بين ذلك فيما نزل من الوحي، وقام موجب ذلك في قلوب عباده المؤمنين فأثبتوا له المثل الأعلى.
ودلت تلك المقابلة على حجة لفت الله العقول إليها، وهي: إذا كان هؤلاء الكفار ينسبون له البنات وهم يكرهونهن لأنفسهم، ويجعلون لبعض خلقه جزءاً وشركاً في حقه، وهم لا يقبلون إشراك عبيدهم فيما يملكون! فينبغي أن يعلموا أن الله أجل وأعلى منهم وأولى بالتنزه عن البنات والشركاء، بل له الكمال الأعلى فليس له ولدٌ أو شريك البتة.