بعد هذا الاستعراض لأقوال الإمام الدارقطني في جملة من الرواة -جرحاً وتعديلاً- والمقارنة بينها وبين أقوال غيره من أئمة هذا الشأن، ظهر أن رأي الدارقطني في أولئك الرواة لم يخرج، في الجملة، عن آراء الأئمة فيهم -وإن خالفهم قليلا -كما سبق- وأنه ليس بالمتشدد، كما أنه ليس بالمتساهل.
ولم يكن اتفاقه مع الأئمة فيهم -في أكثر الأحيان- بأن يتفق معهم في أصل التوثيق أو التضعيف، مثلاً، بل يتفق معهم، أيضاً، في قوة أو درجة التوثيق أو التضعيف.
كما قد رأيت هذه النتيجة في الرواة جملة سواء من يوافقه في المذهب أو لا، ومن عاصره أو لم يعاصره.
فالحسن بن عمارة مثلا قد ضعّفه وتركه الدارقطني، وكذلك أكثر الأئمة على هذا الرأي فيه، فلم يكن تضعيف الدارقطني له بسبب المذهب كما ادعاه بعضهم، ولو سلّم هذا في الدارقطني رحمه الله تعالى فما الظن ببقية الأئمة الذين ضعفوا الحسن؟. أيكون جميعهم كذلك من أجل الحسن بن عمارة وحده!.
ولم يكن اختياري للرواة، الذين درست أقوال الدارقطني فيهم مقارنة بأقوال غيره من الأئمة، نتيجةَ اعتباراتٍ معينة، بل اخترتهم هكذا من غير حيثيثة للاختيار. فكانت النتيجة هكذا -كما يرى القارئ- من غير تحيز أو تحامل -معاذ الله- ولو ظهر لي شيء في الدارقطني مما يعاب في هذا الباب لذكرته من غير تردد.
ولا غرابة في هذه النتيجة، لأن أئمة الحديث المعتبرين هم على هذا الرأي في الإمام الدارقطني، من حيث قبول قوله في الجرح والتعديل، وأنه ليس بالمتشدد،