الام للشافعي (صفحة 806)

يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ، وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا يُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَفْسَخْ الْكِرَاءَ إنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلُ إبِلٍ. قَالَ: وَإِذَا بَاعَ عَلَيْهِ فَضْلًا مِنْ إبِلِهِ وَمَالًا لَهُ سِوَى الْإِبِلِ ثُمَّ جَاءَ الْجَمَّالُ لَمْ يَرُدَّ بَيْعَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ وَأَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى إبِلِهِ قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ لِمَنْ تَكَارَى مِنْ جَمَّالٍ أَنْ يَأْخُذَهُ بِأَنْ يُوَكِّلَ رَجُلًا ثِقَةً وَيُجِيزَ أَمْرَهُ فِي بَيْعِ مَا رَأَى مِنْ إبِلِهِ وَمَتَاعِهِ فَيَعْلِفُ إبِلَهُ مِنْ مَالِهِ وَيَجْعَلُهُ مُصَدَّقًا فِيمَا أَدَانَ عَلَى إبِلِهِ وَعَلَفِهَا بِهِ لَازِمًا لَهُ ذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ لَا يَفْسَخُ، وَكَالَتَهُ فَإِنْ غَابَ قَامَ بِذَلِكَ الْوَكِيلُ.

قَالَ: وَإِذَا تَكَارَى الْقَوْمُ مِنْ الْجَمَّالِ إبِلًا بِأَعْيَانِهَا ثُمَّ أَفْلَسَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَرْكَبَ إبِلَهُ بِأَعْيَانِهَا، وَلَا تُبَاعُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا الْحُمُولَةَ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا وَدَفَعَ إلَى كُلِّ إنْسَانٍ بَعِيرًا دَخَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إذَا ضَاقَتْ الْحُمُولَةُ كَمَا يَدْخُلْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي سَائِرِ مَالِهِ حَتَّى يَتَسَاوَوْا فِي الْحُمُولَةِ وَدَخَلَ عَلَيْهِمْ غُرَمَاؤُهُ الَّذِينَ لَا حُمُولَةَ لَهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوا مِنْ إبِلِهِ بِقَدْرِ مَالِهِمْ وَأَهْلُ الْحُمُولَةِ بِقِيمَةِ حُمُولَتِهِمْ.

وَمَنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَهُوَ لَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ فَإِنَّ وَهْبَهُ لِرَجُلٍ أَوْ نَحَلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ صَدَقَةً غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى فَلِسَ فَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَلَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْضُهُ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ الْقَاضِي مَالَهُ كَانَ مَرْدُودًا؛ لِأَنَّ مِلْكَ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّحَلِ.

وَإِذَا أَفْلَسَ الْغَرِيمُ بِمَالٍ لِقَوْمٍ قَدْ عَرَفَهُ الْغَرِيمُ كُلَّهُ وَعَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَدَفَعَ إلَى غُرَمَائِهِ مَا كَانَ لَهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَإِنْ كَانُوا ابْتَاعُوا مَا دَفَعَ إلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِ بِمَا لَهُمْ عَلَيْهِ أَوْ أَبْرَءُوهُ مِمَّا لَهُمْ عَلَيْهِ حِينَ قَبَضُوهُ مِنْهُ فَهُوَ بَرِئَ بَلَغَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِمْ مَا بَلَغَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَى الْغَرِيمِ فَلِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِ الْمِائَةِ سَهْمٌ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَبَايَعُوهُ، وَلَمْ يُبْرِئُوهُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَالًا يُبَلِّغُهُ ثَمَنَ مَالِهِ فَهَذَا لَا بَيْعَ لَهُمْ، وَلَا رَهْنَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيعَ فَجَاءَ غُرَمَاءُ آخَرُونَ دَخَلُوا مَعَهُمْ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إنَّمَا أَفْلَسَ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِمْ وَالْمَالُ مَالُهُ بِحَالِهِ إلَّا أَنَّهُمْ ضَامِنُونَ لَهُ بِقَبُولِهِمْ إيَّاهُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ اُسْتُؤْنِفَ فِيهِ الْبَيْعُ وَدَخَلَ مَنْ حَدَثَ مِنْ غُرَمَائِهِ مَعَهُمْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِيعَ فَالْمُفْلِسُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَمِيعُ مَا بِيعَ بِهِ يَقْبِضُونَهُ وَمَنْ حَدَثَ مِنْ غُرَمَائِهِ دَاخِلٌ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَوْ يُضَمِّنُهُمْ قِيمَةَ الْمَالِ إنْ كَانَ فَاتَ يُقَاصُّهُمْ بِهِ مِنْ دَيْنِهِ وَمَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُمْ بِبَيْعِهِ فَيَجُوزُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ كَمَا يَجُوزُ عَلَى مَنْ وَكَّلَ بَيْعُ وَكِيلِهِ.

وَإِذَا بِيعَ مَالُ الْمُفْلِسِ لِغُرَمَاءَ أَقَامُوا عَلَيْهِ بَيِّنَةً ثُمَّ أَفَادَ بَعْدُ مَالًا وَاسْتَحْدَثَ دَيْنًا فَقَامَ عَلَيْهِ أَهْلُ الدَّيْنِ الْآخَرِ وَأَهْلُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ بِبَقَايَا حُقُوقِهِمْ فَكُلُّهُمْ فِيمَا أَفَادَ مِنْ مَالٍ سَوَاءٌ قَدِيمُهُمْ وَحَدِيثُهُمْ وَكُلُّ دَيْنٍ أَدَانَهُ قَبْلَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَزِمَهُ يَضْرِبُ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَيْهِ وَهَكَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ثُمَّ بَاعَ مَالَهُ، وَقَضَى غُرَمَاءَهُ ثُمَّ أَفَادَ مَالًا وَأَدَانَ دَيْنًا كَانَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ مِنْ غُرَمَائِهِ سَوَاءً فِي مَالِهِ، وَلَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ وَبِيعَ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ إنَّمَا حَجَرَ فِي وَقْتٍ لِبَيْعِ مَالِهِ فَإِذَا مَضَى فَهُوَ عَلَى غَيْرِ الْحَجْرِ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَحَضَرَ لَهُ غُرَمَاءُ كَانُوا غُيَّبًا دَايَنُوهُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ الْأَوَّلِ أَدْخَلْنَا الْغُرَمَاءَ الَّذِينَ دَايَنُوهُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ الْأَوَّلِ فِي مَالِهِ الْأَوَّلِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا مَالَهُ بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلْنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا وَالْآخَرِينَ الْمُدْخَلَ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِمْ وَالْغُرَمَاءَ الْآخَرِينَ مَعًا فِي الْمَالِ الْمُسْتَحْدَثِ الَّذِي فَلَّسْنَاهُ فِيهِ الثَّانِيَةَ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لِأُولَئِكَ وَمَا لِهَؤُلَاءِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ.

وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَفَلِسَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا قَبْلَ الثَّلَاثِ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَلَهُمَا إجَازَةُ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنَّمَا زَعَمْت أَنَّ لَهُمَا إجَازَةَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ حَادِثٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَتَكَلَّمَا فِي الْبَيْعِ بِرَدٍّ، وَلَا إجَازَةٍ حَتَّى تَمْضِيَ الثَّلَاثُ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَخْتَارَا، وَلَمْ يَرُدَّا، وَلَا وَاحِدٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015