لِبَعْضِ مَا اشْتَرَى مِنْ هَذَا عَبْدًا بِعَيْنِهِ أَوْ دَارًا بِعَيْنِهَا أَوْ ثِيَابًا بِعَيْنِهَا بِطَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ الْبَائِعُ لِلدَّارِ الْمُشْتَرَى بِهَا الطَّعَامُ أَحَقَّ بِدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ مُشْتَرٍ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْ بَيْعِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّفَ فِي الطَّعَامِ فِضَّةً مَصُوغَةً مَعْرُوفَةً أَوْ ذَهَبًا أَوْ دَنَانِيرَ بِأَعْيَانِهَا فَوَجَدَهَا قَائِمَةً يُقِرُّ بِهَا الْغُرَمَاءُ أَوْ الْبَائِعُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُعْرَفُ أَوْ اُسْتُهْلِكَتْ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
وَإِذَا اكْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الدَّارَ ثُمَّ فَلِسَ الْمُكْرِي فَالْكِرَاءُ ثَابِتٌ إلَى مُدَّتِهِ ثُبُوتَ الْبَيْعِ مَاتَ الْمُفْلِسُ أَوْ عَاشَ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا فِي الْكِرَاءِ وَزَعَمَ فِي الشِّرَاءِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فَإِنَّمَا هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَقَدْ خَالَفَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ فِي الْكِرَاءِ فَفَسَخَهُ إذَا مَاتَ الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّ مِلْكَ الدَّارِ قَدْ تَحَوَّلَ لِغَيْرِ الْمُكْرِي وَالْمَنْفَعَةَ قَدْ تَحَوَّلَتْ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي، وَقَالَ لَيْسَ الْكِرَاءُ كَالْبُيُوعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَكْتَرِي الدَّارَ فَتَنْهَدِمُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَنْ يَبْنِيَهَا وَيَرْجِعُ الْمُكْتَرِي بِمَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الْكِرَاءِ؟ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا بَيْعًا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ فَيُثْبِتُ صَاحِبُنَا - وَاَللَّهُ يَرْحَمُنَا وَإِيَّاهُ - الْكِرَاءَ الْأَضْعَفَ؛ لِأَنَّا نَنْفَرِدُ بِهِ دُونَ غَيْرِنَا فِي مَالِ الْمُفْلِسِ، وَإِنْ مَاتَ يَجْعَلُهُ لِلْمُكْتَرِي وَأَبْطَلَ الْبَيْعَ فَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لَكَانَ الْبَيْعُ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ لِلْبَائِعِ مِنْ الْكِرَاءِ لِلْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ تَامٍّ، وَإِذَا جَمَعْنَا نَحْنُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ: وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ حَمْلَ طَعَامٍ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُكْتَرِي أَوْ مَاتَ فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ يَكُونُ الْمُكْرِي أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الطَّعَامِ صَنْعَةٌ، وَلَوْ كَانَ أَفْلَسَ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَ الطَّعَامَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا دُونَ غُرَمَائِهِ، وَلَا أُجْبِرُ الْمُكْرِي أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ غَرِيمِ الْمُفْلِسِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ غُرَمَاؤُهُ، وَلَوْ حَمَلَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ ثُمَّ أَفْلَسَ كَانَ لَهُ بِقَدْرِ مَا حَمَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْحُمُولَةَ فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ - إنْ شَاءَ - إنْ كَانَ مَوْضِعٌ لَا يَهْلِكُ فِيهِ الطَّعَامُ مِثْلُ الصَّحْرَاءِ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا.
وَإِذَا تَكَارَى النَّفَرُ الْإِبِلَ بِأَعْيَانِهَا مِنْ الرَّجُلِ فَمَاتَ بَعْضُ إبِلِهِمْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكْرِي أَنْ يَأْتِيَهُ بِإِبِلٍ بَدَلَهَا فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَلَوْ أَفْلَسَ الْمُكْرِي، وَمَاتَ بَعْضُ إبِلِهِمْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَلَا فِي مَالِ الْمُكْرِي بِشَيْءٍ إلَّا بِمَا بَقِيَ مِمَّا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ كِرَائِهِ يَكُونُ فِيهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَتَكُونُ الْإِبِلُ الَّتِي أَكْتُرِيَتْ عَلَى الْكِرَاءِ فَإِذَا انْقَضَى كَانَتْ مَالًا مِنْ مَالِ الْمُكْرِي الْمُفْلِسِ، وَلَوْ كَانُوا تَكَارَوْا مِنْهُ حُمُولَةً مَضْمُونَةً عَلَى غَيْرِ إبِلٍ بِأَعْيَانِهَا يَدْفَعُ إلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إبِلًا بِأَعْيَانِهَا كَانَ لَهُ نَزْعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَإِبْدَالُهُمْ غَيْرَهَا فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَحَقُّهُمْ فِي ذِمَّتِهِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَتْ إبِلٌ كَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَأَفْلَسَ الْغَرِيمُ كَانُوا جَمِيعًا أُسْوَةً فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْإِبِلِ بِقَدْرِ حُمُولَتِهِمْ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي مَالِهِ لَا فِي إبِلٍ بِأَعْيَانِهَا فَيَكُونُ إذَا هَلَكَتْ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ غُرَمَاءُ غَيْرُهُمْ مِنْ غُرَمَائِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ لَهُمْ الدَّيْنُ عَلَيْهِ ضَرَبَ هَؤُلَاءِ بِالْحُمُولَةِ وَهَؤُلَاءِ بِدُيُونِهِمْ وَحَاصُّوهُمْ.
وَإِذَا اكْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْإِبِلَ ثُمَّ هَرَبَ مِنْهُ فَأَتَى الْمُتَكَارِي السُّلْطَانَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِمَّنْ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ أَحْلَفَ الْمُتَكَارِيَ أَنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِ لَثَابِتٌ فِي الْكِرَاءِ مَا يَبْرَأُ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَمَّى الْكِرَاءَ وَالْحُمُولَةَ ثُمَّ تَكَارَى لَهُ عَلَى الرَّجُلِ كَمَا يَبِيعُ لَهُ فِي مَالِ الرَّجُلِ إذَا كَانَتْ الْحُمُولَةُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحُمُولَةُ إبِلًا بِأَعْيَانِهَا لَمْ يَتَكَارَ لَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُكْتَرِي أَنْتَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَكْتَرِيَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَرُدَّك بِالْكِرَاءِ عَلَيْهِ؛ لِفِرَارِهِ مِنْك أَوْ آمُرُ عَدْلًا فَيَعْلِفُ الْإِبِلَ أَقَلَّ مَا يَكْفِيهَا وَيُخْرِجُ ذَلِكَ مُتَطَوِّعًا بِهِ غَيْرَ مَجْبُورٍ عَلَيْهِ وَأَرُدُّك بِهِ عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَمَا أَعْلَفَ الْإِبِلَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ.
وَإِنْ كَانَ لِلْجَمَّالِ فَضْلٌ مِنْ إبِلٍ بَاعَ عَلَيْهِ وَأَعْلَفَ إبِلَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ