مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ لَيْسَ لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ هَذَا يَزِيدُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُوَّةً، وَلَا لَوْ خَالَفَهَا وَلَمْ يُحْفَظْ مَعَهَا يُوهِنُهَا بَلْ هِيَ الَّتِي قَطَعَ اللَّهُ بِهَا الْعُذْرَ وَلَكِنَّا رَجَوْنَا الثَّوَابَ فِي إرْشَادِ مَنْ سَمِعَ مَا كَتَبْنَا فَإِنَّ فِيمَا كَتَبْنَا بَعْضَ مَا يَشْرَحُ قُلُوبَهُمْ لِقَبُولِهِ وَلَوْ تَنَحَّتْ عَنْهُمْ الْغَفْلَةُ لَكَانُوا مِثْلَنَا فِي الِاسْتِغْنَاءِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا احْتَاجُوا إذَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالرَّهْنِ فِي الدَّيْنِ إلَى أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ هُوَ جَائِزٌ فِي السَّلَفِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي السَّلَفِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا مَضْمُونًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِذَا أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَ الطَّعَامِ بِصِفَةٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - بَيْعُ الطَّعَامِ بِصِفَةٍ حَالًّا أَجْوَزَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْعِ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ بِصِفَةٍ مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِهِ فَإِذَا ضَمِنَ مُؤَخَّرًا ضَمِنَ مُعَجَّلًا وَكَانَ مُعَجَّلًا أَعْجَلَ مِنْهُ مُؤَخَّرًا، وَالْأَعْجَلُ أُخْرِجَ مِنْ مَعْنَى الْغَرَرِ وَهُوَ مُجَامِعٌ لَهُ فِي أَنَّهُ مَضْمُونٌ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ بِصِفَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : لَا يَجُوزُ جِمَاعُ السَّلَفِ حَتَّى يَجْمَعَ خِصَالًا، أَنْ يَدْفَعَ الْمُسَلِّفُ ثَمَنَ مَا سَلَّفَ لِأَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ» إنَّمَا قَالَ فَلْيُعْطِ وَلَمْ يَقُلْ لِيُبَايِعَ، وَلَا يُعْطِي، وَلَا يَقَعُ اسْمُ التَّسْلِيفِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا سَلَّفَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ مَنْ سَلَّفَهُ وَأَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّفَهُ فِيمَا يُكَالُ كَيْلًا أَوْ فِيمَا يُوزَنُ وَزْنًا وَمِكْيَالٌ وَمِيزَانٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ، فَأَمَّا مِيزَانٌ يُرِيهِ إيَّاهُ أَوْ مِكْيَالٌ يُرِيهِ فَيُشْتَرَطَانِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ أَوْ هَلَكَ لَمْ يُعْلَمْ مَا قَدْرُهُ، وَلَا يُبَالِي كَانَ مِكْيَالًا قَدْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ أَوْ لَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا، وَإِنْ كَانَ تَمْرًا قَالَ تَمْرٌ صَيْحَانِيٌّ أَوْ بُرْدِيٌّ أَوْ عَجْوَةٌ أَوْ جَنِيبٌ أَوْ صِنْفٌ مِنْ التَّمْرِ مَعْرُوفٌ فَإِنْ كَانَ حِنْطَةً قَالَ شَامِيَّةٌ أَوْ ميسانية أَوْ مِصْرِيَّةٌ أَوْ مَوْصِلِيَّةٌ أَوْ صِنْفًا مِنْ الْحِنْطَةِ مَوْصُوفًا، وَإِنْ كَانَ ذُرَةً قَالَ حَمْرَاءُ أَوْ نَطِيسٌ أَوْ هُمَا أَوْ صِنْفٌ مِنْهَا مَعْرُوفٌ، وَإِنْ كَانَ شَعِيرًا قَالَ مِنْ شَعِيرِ بَلَدِ كَذَا، وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ سَمَّى صِفَتَهُ وَقَالَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا أَوْ وَسَطًا وَسَمَّى أَجَلًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ لِمَا سَلَّفَ أَجَلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجَلٌ كَانَ حَالًّا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَأُحِبُّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُقَبِّضُهُ فِيهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَ مَا سَلَّفَ فِيهِ رَقِيقًا قَالَ عَبْدٌ نُوبِيٌّ خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ أَوْ مُحْتَلِمٌ أَوْ وَصَفَهُ بِشِيَتِهِ وَأَسْوَدُ هُوَ أَوْ أَصْفَرُ أَوْ أَسْحَمُ وَقَالَ نَقِيٌّ مِنْ الْعُيُوبِ وَكَذَلِكَ مَا سِوَاهُ مِنْ الرَّقِيقِ بِصِفَةٍ وَسِنٍّ وَلَوْنٍ وَبَرَاءَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَقُولَ إلَّا الْكَيَّ وَالْحُمْرَةَ وَالشُّقْرَةَ وَشِدَّةَ السَّوَادِ وَالْحَمْشَ، وَإِنْ سَلَّفَ فِي بَعِيرٍ قَالَ بَعِيرٌ مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ ثَنِيٌّ غَيْرُ مُودَنٍ نَقِيٌّ مِنْ الْعُيُوبِ سَبْطُ الْخَلْقِ أَحْمَرُ مُجْفَرُ الْجَنْبَيْنِ رُبَاعِيٌّ أَوْ بَازِلٌ وَهَكَذَا الدَّوَابُّ يَصِفُهَا بِنِتَاجِهَا وَجِنْسِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَسْنَانِهَا وَأَنْسَابِهَا وَبَرَاءَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ عَيْبًا يَتَبَرَّأُ الْبَائِعُ مِنْهُ (قَالَ) : وَيَصِفُ الثِّيَابَ بِالْجِنْسِ: مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ وَنَسْجِ بَلَدٍ وَذَرْعٍ مِنْ عَرْضٍ وَطُولٍ وَصَفَاقَةٍ وَدِقَّةِ وَجَوْدَةٍ أَوْ رَدَاءَةٍ أَوْ وَسَطٍ وَعَتِيقٍ مِنْ الطَّعَامِ كُلِّهِ أَوْ جَدِيدٍ أَوْ غَيْرِ جَدِيدٍ، وَلَا عَتِيقٍ وَأَنْ يَصِفَ ذَلِكَ بِحَصَادِ عَامٍ مُسَمًّى أَصَحُّ (قَالَ) : وَهَكَذَا النُّحَاسُ يَصِفُهُ: أَبْيَضَ أَوْ شَبَهًا أَوْ أَحْمَرَ