عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] .
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي السَّلَفِ قُلْنَا بِهِ فِي كُلِّ دَيْنٍ قِيَاسًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، وَالسَّلَفُ جَائِزٌ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآثَارِ وَمَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلِمْته (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسَلِّفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَرُبَّمَا قَالَ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ " مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : حُفِّظْته كَمَا وَصَفْت مِنْ سُفْيَانَ مِرَارًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَأَخْبَرَنِي مَنْ أُصَدِّقُهُ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ كَمَا قُلْت وَقَالَ فِي الْأَجَلِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (أَخْبَرَنَا) سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ لَا نَرَى بِالسَّلَفِ بَأْسًا الْوَرِقُ فِي الْوَرِقِ نَقْدًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُجِيزُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي طَعَامٍ مَوْصُوفٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّهْنِ فِي السَّلَفِ فَقَالَ إذَا كَانَ الْبَيْعُ حَلَالًا فَإِنَّ الرَّهْنَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالسَّلَمُ السَّلَفُ وَبِذَلِكَ أَقُولُ لَا بَأْسَ فِيهِ بِالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالرَّهْنِ فَأَقَلُّ أَمْرِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ إبَاحَةً لَهُ فَالسَّلَمُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُ فِيهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَيَجْمَعُ الرَّهْنَ وَالْحَمِيلَ وَيَتَوَثَّقُ مَا قُدِّرَ عَلَيْهِ حَقُّهُ.
(أَخْبَرَنَا) سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ظَفَرٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ شَيْئًا إلَى أَجَلٍ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ.
(قَالَ) : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَائِلُ، مِنْهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ أَنْ يُسَلِّفَ إذَا كَانَ مَا يُسَلِّفُ فِيهِ كَيْلًا مَعْلُومًا وَيُحْتَمَلُ مَعْلُومُ الْكَيْلِ وَمَعْلُومُ الصِّفَةِ، وَقَالَ وَوَزْنٌ مَعْلُومٌ وَأَجَلٌ مَعْلُومٌ أَوْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَوَزْنٌ مَعْلُومٌ إذَا أَسْلَفَ فِي كَيْلٍ أَنْ يُسَلِّفَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَإِذَا سَمَّى أَنْ يُسَمِّيَ أَجَلًا مَعْلُومًا، وَإِذَا سَلَّفَ فِي وَزْنٍ أَنْ يُسَلِّفَ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ، وَإِذَا أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّلَفَ فِي التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ بِكَيْلٍ وَوَزْنٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ كُلِّهِ وَالتَّمْرُ قَدْ يَكُونُ رُطَبًا، وَقَدْ أَجَازَ أَنْ يَكُونَ فِي الرُّطَبِ سَلَفًا مَضْمُونًا فِي غَيْرِ حِينِهِ الَّذِي يَطِيبُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّفَ سَنَتَيْنِ كَانَ بَعْضُهَا فِي غَيْرِ حِينِهِ.
(قَالَ) : وَالسَّلَفُ قَدْ يَكُونُ بَيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَمَّا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكِيمًا عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَأَذِنَ فِي السَّلَفِ» اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْهَى عَمَّا أَمَرَ بِهِ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى حَكِيمًا عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ (قَالَ) : وَيَجْتَمِعُ السَّلَفُ وَهُوَ بَيْعُ الصِّفَاتِ وَبَيْعُ الْأَعْيَانِ فِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِيهِمَا بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْجُزَافَ يَحِلُّ فِيمَا رَآهُ صَاحِبُهُ، وَلَا يَحِلُّ فِي السَّلَفِ إلَّا مَعْلُومٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ صِفَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالسَّلَفُ بِالصِّفَةِ وَالْأَجَلِ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حُفِظَتْ عَنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَا كَتَبْت مِنْ الْآثَارِ بَعْدَمَا كَتَبْت