وَيَصِفُ الْحَدِيدَ: ذَكَرًا أَوْ أَنِيثًا أَوْ بِجِنْسٍ إنْ كَانَ لَهُ وَالرَّصَاصَ.
(قَالَ) : وَأَقَلُّ مَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَفُ مِنْ هَذَا أَنْ يُوصَفَ مَا سَلَّفَ فِيهِ بِصِفَةٍ تَكُونُ مَعْلُومَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إنْ اخْتَلَفَ الْمُسَلِّفُ وَالْمُسَلَّفُ، وَإِذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً لَا يُقَامُ عَلَى حَدِّهَا أَوْ إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ أَوْ ذَرْعٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ الْمُسَلِّفُ الثَّمَنَ عِنْدَ التَّسْلِيفِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ مَقَامِهِمَا فَسَدَ السَّلَفُ، وَإِذَا فَسَدَ رُدَّ إلَى الْمُسَلِّفِ رَأْسُ مَالِهِ (قَالَ) : فَكُلُّ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ صِفَةٌ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي سُلِّفَ فِيهَا جَازَ فِيهَا السَّلَفُ (قَالَ) : وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي الرُّطَبِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ لِلنَّخْلِ الثَّمَرُ إذَا اشْتَرَطَ أَجَلًا فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ الرُّطَبُ وَكَذَلِكَ الْفَوَاكِهُ الْمَكِيلَةُ الْمَوْصُوفَةُ وَكَذَلِكَ يُسَلِّفُ إلَى سَنَةٍ فِي طَعَامٍ جَدِيدٍ إذَا حَلَّ حَقُّهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالْجِدَّةُ فِي الطَّعَامِ وَالثَّمَرِ مِمَّا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ جَيِّدًا عَتِيقًا نَاقِصًا بِالْقِدَمِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ اُشْتُرِطَ فِي شَيْءٍ مِمَّا سُلِّفَ أَجْوَدُ طَعَامِ كَذَا أَوْ أَرْدَأُ طَعَامِ كَذَا أَوْ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ فِي ثِيَابٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ السِّلَعِ كَانَ السَّلَفُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى أَجْوَدِهِ، وَلَا أَدْنَاهُ أَبَدًا وَيُوقَفُ عَلَى جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ؛ لِأَنَّا نَأْخُذُهُ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجُودَةِ وَالرَّدَاءَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآجَالَ لَا تَحِلُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا يَصْلُحُ بَيْعٌ إلَى الْعَطَاءِ، وَلَا حَصَادٍ، وَلَا جُدَادٍ، وَلَا عِيدِ النَّصَارَى وَهَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّمَ أَنْ تَكُونَ الْمَوَاقِيتُ بِالْأَهِلَّةِ فِيمَا وَقَّتَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] وَقَالَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 217] وَقَالَ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَأَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْأَهِلَّةِ جُمَلَ الْمَوَاقِيتِ وَبِالْأَهِلَّةِ مَوَاقِيتَ الْأَيَّامِ مِنْ الْأَهِلَّةِ وَلَمْ يَجْعَلْ عِلْمًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ إلَّا بِهَا فَمَنْ أُعْلِمَ بِغَيْرِهَا فَبِغَيْرِ مَا أَعْلَمَ اللَّهُ أُعْلِمَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا مَا كَانَ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكُونَ الْعَلَامَةُ بِالْحَصَادِ وَالْجُدَادِ فَخِلَافُهُ وَخِلَافُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَجَلٍ مُسَمًّى وَالْأَجَلُ الْمُسَمَّى مَا لَا يُخْتَلَفُ وَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ الْحَصَادَ وَالْجُدَادَ يَتَأَخَّرَانِ وَيَتَقَدَّمَانِ بِقَدْرِ عَطَشِ الْأَرْضِ وَرَيِّهَا وَبِقَدْرِ بَرْدِ الْأَرْضِ وَالسَّنَةِ وَحَرِّهَا وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ فِيمَا اسْتَأْخَرَ أَجَلًا إلَّا مَعْلُومًا وَالْعَطَاءُ إلَى السُّلْطَانِ يَتَأَخَّرُ وَيَتَقَدَّمُ وَفِصْحُ النَّصَارَى عِنْدِي يُخَالِفُ حِسَابَ الْإِسْلَامِ وَمَا أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَقَدْ يَكُونُ عَامًّا فِي شَهْرٍ وَعَامًّا فِي غَيْرِهِ فَلَوْ أَجَزْنَاهُ إلَيْهِ أَجَزْنَاهُ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ فَكُرِّهَ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَأَنَّهُ خِلَافُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ أَنْ نَتَأَجَّلَ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ فِيهِ إلَّا قَوْلُ النَّصَارَى عَلَى حِسَابٍ يَقِيسُونَ فِيهِ أَيَّامًا فَكُنَّا إنَّمَا أُعْلِمْنَا فِي دِينِنَا بِشَهَادَةِ النَّصَارَى الَّذِينَ لَا نُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ حَلَالٍ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ قَالَ فِيهِ أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْنَا مَا نَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مَعَ مَا وَصَفْت مِنْ دَلَائِلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ وَقَدْ رَوَى فِيهِ رَجُلٌ لَا يَثْبُتُ حَدِيثُهُ كُلَّ الثَّبْتِ شَيْئًا (أَخْبَرَنَا) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ.