الام للشافعي (صفحة 1490)

يَرْبِطَهُ لِيُغْرِقَهُ فِي الْمَاءِ فَإِنْ فَعَلَ هَذَا فَمَاتَ فِي مَكَانِهِ أَوْ مَاتَ بَعْدُ مِنْ أَلَمِ مَا أَصَابَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِذَا سَعَّرَ النَّارَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَأَلْقَاهُ فِيهَا وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ صَغِيرٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِيهَا صَحِيحًا فَكَانَ يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ عَالَجَ التَّخَلُّصَ فَغَلَبَهُ كَثْرَتُهَا أَوْ الْتِهَابُهَا، فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَكَذَلِكَ إنْ أُلْقِيَ فِيهَا فَلَمْ يَزَلْ يَتَحَرَّكُ يُعَالِجُ الْخُرُوجَ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَاتَ أَوْ أُخْرِجَ وَبِهِ مِنْهَا حَرْقٌ، الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ مِنْهُ فَمَاتَ مِنْهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كَانَ بَعْضَ هَذَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ بِأَنْ يَكُونَ إلَى جَنْبِ أَرْضٍ لَا نَارَ عَلَيْهَا فَإِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْقَلِبَ فَيَصِيرَ عَلَيْهَا أَوْ يَقُولَ أُقِمْتُ وَأَنَا عَلَى التَّخَلُّصِ قَادِرٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ وَقَدْ قِيلَ: يَكُونُ فِيهِ الْعَقْلُ.

وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَرِيبٍ مِنْ سَاحِلٍ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَلَمْ تَغْلِبْهُ جَرْيَةُ الْمَاءِ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَأَلْقَاهُ قَرِيبًا مِنْ نَجْوَةِ أَرْضٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ سَفِينَةٍ مُقِيمَةٍ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُتَخَلَّصُ فِي الْأَغْلَبِ مِنْهُ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَتَخَلَّص مِنْهُ فَأَخَذَهُ حُوتٌ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ (قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ) وَقَدْ قِيلَ: يَتَخَلَّصُ أَوْ لَا يَتَخَلَّصُ سَوَاءٌ أَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنْ لَا عَقْلَ فِي النَّفْسِ وَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَتَخَلَّصَ فَيَسْلَمَ مِنْ الْمَوْتِ فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ وَعَلَى الطَّارِحِ أَرْشُ مَا أَحْرَقَتْ النَّارُ مِنْهُ أَوَّلَ مَا طُرِحَ قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهُ التَّخَلُّصُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ خَنَقَهُ فَتَابَعَ عَلَيْهِ الْخَنْقَ حَتَّى يَقْتُلَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ.

، وَكَذَلِكَ إنْ غَمَّهُ بِثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتَابَعَ عَلَيْهِ الْغَمَّ حَتَّى يَمُوتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدُ فَلَا قَوَدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَنْقُ أَوْ الْغَمُّ قَدْ أَوْرَثَهُ مَا لَا يَجْرِي مَعَهُ نَفَسُهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَقَدْ قِيلَ يَتَخَلَّصُ أَوْ لَا يَتَخَلَّصُ أَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ الْيَدِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَجِمَاعُ هَذَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَنْ قُتِلَ بِشَيْءٍ مِمَّا وَصَفْتُ غَيْرِ السِّلَاحِ الْمُحَدَّدِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّ مَنْ نِيلَ مِنْهُ يَقْتُلُهُ وَيُقْتَلُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ سِنِّهِ وَصِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ أَوْ حَالِهِ إنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِذَلِكَ قَتْلًا وَحَيًّا كَقَتْلِ السِّلَاحِ أَوْ أَوْحَى فَفِيهِ الْقَوَدُ. وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّ مَنْ نِيلَ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا نِيلَ مِنْهُ يَسْلَمُ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَضَرْبُ الْقَلِيلِ عَلَى الْخَاصِرَةِ يَقْتُلُ فِي الْأَغْلَبِ وَلَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ لَوْ كَانَ فِي ظَهْرٍ أَوْ أَلْيَتَيْنِ أَوْ فَخِذَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ وَالضَّرْبُ الْقَلِيلُ يَقْتُلُ النِّضْوَ الْخَلَق الضَّعِيفَةِ فِي الْأَغْلَبِ وَالْأَغْلَبُ أَنْ لَا يَقْتُلَ قَوِيَّهُ، وَيَقْتُلُ فِي الْأَغْلَبِ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالْحَرِّ الشَّدِيدِ وَلَا يَقْتُلُ فِي الْأَغْلَبِ فِي غَيْرِهِمَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَمَنْ نَالَ مِنْ امْرِئٍ شَيْئًا فَأَنْظُرُ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَالَهُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّ مَا نَالَهُ بِهِ يَقْتُلُهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّ مَا نَالَهُ بِهِ لَا يَقْتُلُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ طَيَّنَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بَيْتًا وَلَمْ يَدَعْهُ يَصِلُ إلَيْهِ طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ أَوْ حَبَسَهُ فِي مَوْضِعٍ وَإِنْ لَمْ يُطَيِّنْ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ أَوْ الشَّرَابَ مُدَّةً الْأَغْلَبُ مِنْ مِثْلِهَا أَنَّهُ يَقْتُلُهُ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ مَاتَ فِي مُدَّةٍ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهَا فَفِيهَا الْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ حَبَسَهُ فَجَاءَهُ بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ فَلَمْ يُشَرِّبْهُ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَمُوتُ أَحَدٌ مُنِعَ الطَّعَامَ فِي مِثْلِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015