فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ أَنْ يَشْرَبَ فَأَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الطَّعَامَ مُدَّةً الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَمُوتُ أَحَدٌ مُنِعَهَا الطَّعَامَ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي مَنَعَهُ فِيهَا الطَّعَامَ مُدَّةً الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَمُوتُ أَحَدٌ مِنْ مِثْلِهَا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهَا ضَمِنَ الْعَقْلَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا أَقَدْته بِمَا صَنَعَ بِهِ حُبِسَ وَمُنِعَ كَمَا حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ فَإِنْ مَاتَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَا دُونَ النَّفْسِ مُخَالِفٌ لِلنَّفْسِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ فِي الْعَمْدِ فَلَوْ عَمَدَ رَجُلٌ عَيْنَ رَجُلٍ بِأُصْبُعِهِ فَفَقَأَهَا كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ تَأْتِي فِيهَا عَلَى مَا يَأْتِي عَلَيْهِ السِّلَاحُ فِي النَّفْسِ، وَرُبَّمَا جَاءَتْ عَلَى أَكْثَرَ وَهَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ الرَّجُلُ أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ فَاعْتَلَّتْ فَلَمْ تَبْرَأَ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا أَوْ اُنْتُجِفَتْ كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً فِي رَأْسِهِ فَوَرِمَتْ، ثُمَّ اتَّسَعَتْ حَتَّى أُوضِحَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِصَاصٌ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ اللَّطْمَةِ أَنَّهَا قَلَّمَا يَكُونُ مِنْهَا هَكَذَا فَتَكُونُ فِي حُكْمِ الْخَطَأِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ ضَرَبَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ مُحَدَّدٍ أَوْ حَجَرٍ لَهُ ثِقَلٌ غَيْرُ مُحَدَّدٍ فَأَوْضَحَهُ أَوْ أَدْمَاهُ، ثُمَّ صَارَتْ مُوضِحَةً كَانَ فِيهَا الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِمَّا وَصَفْتُ مِنْ الْحِجَارَةِ أَنَّهَا تَصْنَعُ هَذَا، وَلَوْ كَانَتْ حَصَاةٌ فَرَمَاهُ بِهَا فَوَرِمَتْ ثُمَّ أُوضِحَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِصَاصٌ وَكَانَ فِيهَا عَقْلُهَا تَامًّا؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّهَا لَا تَصْنَعُ هَذَا فَعَلَى هَذَا مَا دُونَ النَّفْسِ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ كُلُّهُ يُنْظَرُ إذَا أَصَابَهُ بِالشَّيْءِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ مَا يُصْنَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَدِيدِ فِي النَّفْسِ فَأَصَابَهُ فِيهِ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إلَّا قَلِيلًا إنْ كَانَ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَفِيهِ الْعَقْلُ وَهَذَا عَلَى مِثَالِ مَا يُصْنَعُ فِي النَّفْسِ فِي إثْبَاتِ الْقِصَاصِ وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ الْعَقْلِ فِيهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَجِمَاعُ مَعْرِفَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ مِنْ الْخَطَأِ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ، أَوْ قَالَ عَصًا فِي أَلْيَتَيْهِ أَوْ بِالسِّيَاطِ فِي ظَهْرِهِ - الضَّرْبَ الَّذِي الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ اللَّطْمِ وَالْوَجْءِ وَالصَّكِّ وَالضَّرْبَةِ بِالشِّرَاكِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَكُلُّ هَذَا مِنْ الْعَمْدِ الْخَطَأِ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ وَفِيهِ الْعَقْلُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بِالسَّوْطِ أَوْ الْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَالدِّيَةُ فِي هَذَا عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ خَطَأٌ فِي الْقَتْلِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فِي الْفِعْلِ يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَلَا يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ فِي مُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهَذَا مَعْنَى مَا وَصَفْتُ مِنْ الضَّرْبِ الَّذِي الْأَغْلَبُ فِيهِ أَنَّهُ يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَلَمْ أَلْقَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ يُخَالِفُ فِي أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ، فَأَمَّا أَنْ يَشْدَخَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ بِالْحَجَرِ أَوْ يُتَابِعَ عَلَيْهِ ضَرْبَ الْعَصَا أَوْ السِّيَاطِ مُتَابَعَةً الْأَغْلَبُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهَا فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ بِالضَّرْبَةِ بِالسِّكِّينِ وَالْحَدِيدَةِ الْخَفِيفَةِ فِي الرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَعْجَلُ قَتْلًا وَأَحْرَى أَنْ لَا يَعِيشَ أَحَدٌ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ. .