الام للشافعي (صفحة 1489)

[بَابُ الْعَمْدِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ]

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: جِمَاعُ الْقَتْلِ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ: عَمْدٌ فِيهِ قِصَاصٌ فَلِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَمْدُ الْقِصَاصِ إنْ شَاءَ وَعَمْدٌ بِمَا لَيْسَ فِيهِ قِصَاصٌ وَخَطَأٌ فَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ قِصَاصٌ (قَالَ) : فَالْعَمْدُ فِي النَّفْسِ بِمَا فِيهِ الْقِصَاصُ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَيُصِيبَهُ بِالسِّلَاحِ الَّذِي يُتَّخَذُ لِيَنْهَرَ الدَّمَ وَيَذْهَبَ فِي اللَّحْمِ، وَذَلِكَ الَّذِي يَعْقِلُ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُ السِّلَاحُ الْمُتَّخَذُ لِلْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَهُوَ الْحَدِيدُ الْمُحَدَّدُ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالْخِنْجَرِ وَسِنَانِ الرُّمْحِ وَالْمِخْيَطِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُشَقُّ بِحَدِّهِ إذَا ضُرِبَ أَوْ رُمِيَ بِهِ الْجِلْدُ وَاللَّحْمُ دُونَ ثِقْلِهِ فَيَجْرَحُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهُوَ السِّلَاحُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ يُؤْخَذَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ شَيْءٍ لَهُ صَلَابَةٌ فَحُدِّدَ حَتَّى صَارَ إذَا وُجِئَ بِهِ أَوْ رُمِيَ بِهِ يَخْرِقُ حَدُّهُ قَبْلَ ثِقْلِهِ مِثْلُ الْعُودِ يُحَدَّدُ وَالنُّحَاسِ وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ مَنْ أَصَابَ أَحَدًا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا جَرَحَهُ فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ ضَرَبَهُ بِعَرْضِ سَيْفٍ أَوْ عَرْضِ خِنْجَرٍ أَوْ مِخْيَطٍ فَلَمْ يَجْرَحْهُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ الْحَدِيدُ جَارِحًا أَوْ شَادِخًا مِثْلَ الْحَجَرِ الثَّقِيلِ يَفْضَخُ بِهِ رَأْسَهُ وَعَمُودِ الْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ خَفِيفٍ لَا يَشْدَخُ مِثْلُهُ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَدِيدِ لَا يَشْدَخُ وَمَا كَانَ لَا يَجْرَحُ أَوْ كَانَ خَفِيفًا لَا يَشْدَخُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَجْرَحْهُ وَمَاتَ فَفِيهِ الْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى عَصًا خَفِيفَةٍ شَبِيهَةٍ بِالنَّصِيبِ فَضُرِبَ بِهِ الضَّرْبَةَ الْوَاحِدَةَ فَمِيتَ مِنْهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَّخَذُ لِيَنْهَرَ دَمًا وَلَا يُتَّخَذُ يُمَاتُ بِهِ وَإِنْ قُتِلَ قُتِلَ بِالثِّقْلِ لَا بِالْحَدِّ (قَالَ) : وَكَذَلِكَ الْمِعْرَاضُ يَرْمِي بِهِ فَلَا يَجْرَحُ وَيُصِيبُ بِعَرْضِهِ فَيَمُوتُ أَوْ يُصِيبُ بِنَصْلِهِ فَلَا يَجْرَحُ فَيَمُوتُ (قَالَ) : وَهَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ لَا حَدَّ لَهُ خَفِيفٍ فَرَضَخَهُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَلَوْ شَجَّهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ فَبُضِعَ فِيهِ أَوْ ضَرَبَهُ أَسْوَاطًا يَرَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَمُوتُ مِنْ مِثْلِهَا فَلَا قَوَدَ وَلَوْ كَانَ نِضْوًا فَضَرَبَهُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ وَمِثْلُهُ يَمُوتُ فِيمَا يَرَى مِنْ مِثْلِهَا فَمَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَلَوْ كَانَ مُحْتَمِلًا فَضَرَبَهُ مِائَةً وَالْأَغْلَبُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَمُوتُ مِنْ مِثْلِهَا فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَكُلُّ حَدِيدٍ لَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ فَجَرَحَ بِهِ جَرْحًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَمَاتَ مِنْهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ يَجْرَحُ بِحَدِّهِ وَالْحَجَرُ يَجْرَحُ بِثِقَلِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمَرْوِ أَوْ مِنْ الْحِجَارَةِ شَيْءٌ يُحَدَّدُ حَتَّى يَمُورَ مَوْرَ الْحَدِيدِ فَجُرِحَ بِهِ فَفِيهِ الْقَوَدُ إنْ مَاتَ الْمَجْرُوحُ وَإِنْ مَا جَاوَزَ هَذَا فَكَانَ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ ضُرِبَ بِهِ أَوْ أُلْقِيَ فِيهِ أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَعِشْ، فَضَرَبَ بِهِ رَجُلٌ رَجُلًا أَوْ أَلْقَاهُ فِيهِ وَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلَ بِالْخَشَبَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَشْدَخُ رَأْسَهُ أَوْ صَدْرَهُ فَيَشْدَخُهُ أَوْ خَاصِرَتَهُ فَيَقْتُلُهُ مَكَانَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ فَيُتَابِعُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْ عَدَدِ الضَّرْبِ مَا يَكُونُ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ السِّيَاطُ وَمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ أَوْ فِي بَطْنِهِ أَوْ عَلَى ثَدْيَيْهِ ضَرْبًا مُتَتَابِعًا أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ الْمِائَتَيْنِ أَوْ الثَّلَثَمِائَةِ أَوْ عَلَى أَلْيَتَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ هَذَا فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ إلَّا مَيِّتًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَفِي أَنْ يُسَعِّرَ الْحُفْرَةَ حَتَّى إذَا انجحمت أَلْقَاهُ فِيهَا أَوْ يُسَعِّرَ النَّارَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يُلْقِيَهُ فِيهَا مَرْبُوطًا أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015