عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةُ الْمَالِ، وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ "
وما كره اللَّه لنا فمحرم علينا فعله، فالواجب أن يمنع المضيع لماله من إضاعته، ويحال بينه وبينه، وقد منع اللَّه من الفساد، وخبر أنه لا يحب الفساد فالمفسد لماله داخل فِي النهي وهو ممنوع منه، وإذا بلغ الغلام وأونس منه الرشد، ثم أفسد بعد ذَلِكَ فهو محجور عليه، لأن العلة التي من أجلها وجب منعه من ماله بعد بلوغه الفساد عادت، فمتى عاد عاد مفسدا، فقد رجعت العلة ووجب الحجر عليه.
وليس للمحجور عليه أن ينكح إلا بإذن وليه، فإن فعل فسخ النكاح، وإذا نذر المحجور عليه نذورا، أو حلف بأيمان فحنث فيها، ووجب عليه كفارات لأيمانه، لم تطلق يده فِي ماله، وصام عن كل يمين ثلاثة أيام، ويصوم عن ظهاره إذا ظاهر، وَلا يجوز عتق المحجور عليه وَلا بيعه وَلا شراؤه.
ولو اشترى أباه لم ينعقد شراؤه، فيعتق عليه وليس لوليه أن يمنعه من حجة الإسلام وعمرته، ويدفع المال إِلَى من ينفقه عليه فِي الطريق بالمعروف، وإذا كَانَ للمحجور عليه والدان وولد أنفق عليهم من ماله وكل مَا يصيبه المحجور عليه فِي إحرامه مما فِيهِ الفدية من قتل صيد أو لباس أو حلق شعر فعليه فِي ذَلِكَ الصوم.
وإذا اختلعت المحجور عَلَيْهَا من زوجها بمال فسمي طلاقا كَانَ طلاقا يملك فِيهِ الزوج الرجعة، وَلا يلزمها مَا اختلعت به منه، وإقرار المحجور عليه جائز عَلَى نفسه بالزنى، والسرقة، وشرب الخمر، والقذف، تقام عليه الحدود كلها بإقراره، وَلا أعلم فِي هذا اختلافا.
وإذا أقر لقوم بمال فِي حال الحجر أنه استهلكه عليهم لم يلزمه فِي حال الحجر وعليه تأديته إليهم إذا أطلق عَنْهُ الحجر، وإن كانت امرأة محجور عَلَيْهَا فنكحت أبطل نكاحها وليس لها أن تنكح إلا بإذن وليها.