أي: راكضاً، وأخذت العلم عنه سمعاً وسماعاً، أي: سامعاً، وكأنه قال: لا تخرجوا فارين، فالنهي إذاً إنما وقع عن الخروج على جهة الفرار، فإنه كان خروجاً على غير جهة الفرار لم يكن فيه حرج على الخارج. وهذه الرواية أصح رواية وردت في هذا الحديث، وقد اضطربت الروايات فيه، فذكر مالك أن أبا النضر كان يروي: "لا يخرجكم إلا فرار منه" بزيادة "إلا" ورفع الفرار أيضاً. وروى بعضهم: "لا يحرجكم الإفرار منه" فأدخل لام التعريف على فرار ورفعه. فأما رواية أبي النضر فلا تصح على ظاهرها؛ لأنك إن جعلته كلاماً منقطعاً من الحديث لم يصح له معنى ولا إعراب، وإن وصلته بالحديث صار التقدير: وغذا وقع وأنتم بها فلا يخرجكم إلا فرار منه. وهذا لا يصح له معنى ولا إعراب، سواء رفعت الفرار أو نصبته، ولا تصح هذه الرواية إلا على أن يكون سقط من الحديث شيء أفسد سقوطه المعنى والإعراب، فكأن الحديث- والله أعلم- إنما كان وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا إلا إذا كان لا يخرجكم إلا فراراً منه؛ فإذا زيدت في الحديث هذه [الزيادة] صح معنى