الحديث، وجاز حينئذ رفع الفرار ونصبه. أما رفعه فعلى أنه فاعل لـ "يخرجكم"، وأما نصبه فعلى أن يضمر في "يخرجكم" ضمير فاعل يرجع إلى الطاعون، كأنه قال: إذا كان لا يخرجكم الطاعون إلا فراراً منه، فتنصب "فراراً" على أنه مفعول من أجله، أو على أنه مصدر في موضع الحال، كما تقدم. وذكر أبو عمر: أن جماعة من أهل العلم تجعل رواية أبي النضر "إلا فراراً منه" غلطاً، كما تقدم. وقال لي جماعة من أهل العلم بالنحو [وتصاريفه]: أن دخول "إلا" في هذا الموضع لإيجاب بعض ما نفي من الجملة، وساق التأويل المتقدم آنفاً. أي: إذا كان خروجكم فراراً من الطاعون فلا تخرجوا منها، وفي ذلك إباحة الخروج من موضعه؛ إذا لم يكن قصداً إلى الفرار منه. وقد ذكرنا مراراً: أن الرواة ربما أسقطوا ألفاظاً من الأحاديث فأفسدوها، كنحو الحديث الذي يرويه جماعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال- وذكر سنة مائة-: "لا يبقى على ظهرها يومئذ نفس منفوسة منكم" فأسقط الراوي "منكم" فأفسد الحديث، حتى طعن فيه الملحدون على الإسلام، وقالوا: هذا كذب، ومثله الحديث المتقدم: "إلا كنت له شهيداً أو شفيعاً" أسقط بعض الرواة "له" فأخل الحديث. وأما رواية من روى: "إلا فرار منه" فالوجه فيه: أن يقال: فر الرجل من الأمير يفر فراراً، وأفررته أنا: أي جعلته أن يفر، كما يقال: خرج وأخرجته، ودخل وأدخلته، فمن رواه