والعقل: الدية؛ أي لا دية عندي إلا السيف الجُرازي. وأما الغلط الذي يختص الأصمعي فنه زعم أن الهاء في قوله (متى ما تنكروها) ضمير الكتيبة أي متى ما أنكرتم هذه الكتيبة عرفتموها بهذه العلامة يسيل من أقطارها الدم. وهذا تفسير طريف، لأن الشاعر لم يذكر في هذا الشعر كتيبة لا قبل هذا البيت ولا بعده. وإنما قبله وهو أول القصيدة:

أنسل بني شعارة من لصخر ... فإني عن تفقركم مكيث

لحق بني شعارة أن يقولوا ... لصخر الغي ماذا تستبيث

وبنو شعارة: رهط صخر، وشعارة لقب لصخر، ويروى بالعين والغين. وتستبيث: تستخرج، أي ماذا تستخرج وتثير من الشر بما قلته. فيجب - على ما قال الأصمعي - أن يكون هذا من الإضمار الذي يستعملونه ون لم يجر له، ذكر، لما في الكلام عليه من الدليل، وهو كثير في الكلام والشعر. ولكن ليس تحتاج في هذا الشعر إلى تكلف هذا؛ لأن الأصمعي روى في آخر هذا الشعر بيتاً وقع في غير موضعه، وهو:

فلا وأبيك لن تنفك مني ... إليك مقالة فيها وعوث

فهذا البيت إذا قدم قبل (قوله متى ما تنكروها)، استقام الشعر ولم يحتج إلى إضمار شيء لم يذكر، لأن الهاء في قوله تنكروها تعود على المقالة. والمعنى إني أقول فيكم مقالة لا تقدرون على إنكارها ورفعها عن أنفسكم لأني أسمها بأسمائكم وأشهرها بذكركم وتأتيكم وعلى أقطارها الدم المنفوث. أي إنها مقالة تثير الحرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015