ذلك كان في أيام البرد وضيق الأحوال. وفي ذلك الوقت يتمدحون باللعب. والموقد بفتح القاف: المكان الذي توقد فيه النار، ويكون أيضاً مصدراً بمعنى الإيقاد، والموقد بكسر القاف: اسم الفاعل والرواية بفتح القاف. وقوله: (عن ذات أولية) فيه قولان، قال قوم: أراد سنامها، شبهه لتكاثف الشحم عليه بالأولية وهي البراذع واحدتها ولية. وقال بعضهم: أراد أنها أكلت وليا بعد ولي. والولي أصله المطر الذي يلي الوسمى. وأراد هاهنا النبت الذي أنبته الولي، سماه باسمه إذ كان نباته عنه كما قالوا للنبت ندى لتكونه عن الندى والمساودة والسواد: المسارة يقال: ساودت الرجل يريد أنه يسار صاحب الناقة ليخدعه. وفي الحديث السواد ضرب من السحر. وقيل لابنة الحنس: كيف زنيت وأنت سيدة قومك عقلاً ورأياً؟ فقالت: قرب الوساد، وطول السواد. وقوله عن ذات أولية: أي من أجلها، وكان لون الملح فوق شفارها فيه قولان: قيل أراد الشفار شحذت لها حتى ترت تلألأ وتطرد مثل لون الملح، ومثله قول عنترة:
ضرتب عمراً على الخيشوم مقتدرا ... بصارم مثل لون الملح بثار
وقيل: أراد على شفارها التي جزرت بها من شحمها شبه الملح، وغنما قال عند الليل، ولم يقل عند الصبح لأن لعبهم إنما كان بالعشايا وبالليل، ولذلك قال دريد بن الصمة القشيري:
دفعت إلى المفيض وقد تجانوا ... على الركبات مغرب كل شمس
* * *