فصار كقولك: لقيت زيداً فضربت ذا الفرس، وأنت تريد فضربته ثم أضافه إلى الهاء فصار كقولك لقيت زيداً فضربت ذا فرسه. وهذا شذوذ لا نظير له في كلامهم فيما علمناه، وهو أقبح من قولهم مررت برجل حسن وجهه على ما فيه من القبح. والوجه لمن روى هذه الرواية أن يجعل الهاء عائدة على الرجال من قوله قبل هذا البيت:

رجال متى يدعوا إلى الموت أرفلوا ... إليه كإرقال الجمال المصاعب

فكأنه قال تدحرج عن ذي سام الرجال، وذكر الضمير وأفرده على معنى الجميع. وذو سام الرجال، هو البيض. فأدى ذلك ما يؤديه قوله عن بيض الرجال، ولو روى عن ذي سامتا، أي عن بيضنا، لكان أجود وإن كان مستكرهاً، وإنما أضاف السام إلى الرجال، أو إلى ضميرهم وإن كان السام إنما هو للبيض، لأنهم الذين أذهبوه به وزينوه فكأنه قال: عن البيض الذي أذهبه الرجال أو أذهبناه وقد يضاف الشيء على الشيء وإن لم يكن له لما بينهما من الملابسة والاتصال كقوله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي) ولا مقام لله تعالى ولا هو من صفاته وإنما المعنى مقامه عندي. وقد روى بيت زهير:

وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى رهنها غلقا

والرهن ليس لها وإنما المعنى رهن عندها.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015