نفسه، ولو جاء بالكلام على لفظ الغيبة لكان أحسن، ولكنه أراد تأكيد البيان ورفع الإشكال.
وذهب يعقوب - ومن كتابه نقل ابن قتيبة هذه الأبواب - إلى أن (عن) ههنا بمعنى (على)، وإنما قال ذل لأنه جعل قوله أفضلت من قوله: أفضلت على الرجل: إذا أوليته فضلاً، وأفضلت هذه تتعدى بعلى لأنها بمعنى الإنعام، ومعناه أنك لم تنعم علي بأن شرفتني فتعتد بذلك على. وقد يجوز أن يكون من قولهم أعطى وأفضل: إذا زاد على الواجب. وأفضل هذه أيضاً تتعدى بعلى؛ يقال أفضل على كذا: أي زاد عليه فضله. وقد يجوز أن يكون من قولهم أفضل الرجل: إذا صار ذا فضل في نفسه، فيكون معناه ليس لك فضل تنفرد به عني وتحوزه دوني، فتكون (عن) ههنا واقعة موقعها غير مبدلة من (على). وقوله: لا أفضلت معناه: لم تفضل، والعرب تقرن (لا) بالفعل الماضي فينوب ذلك مناب (لم) إذا قرنت بالفعل المستقبل؛ فمن ذلك قوله تعالى (فلا صدق ولا صلى) معناه: لم يصدق ولم يصل. ومنه قول أبي خراش:
إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما
أي لم يلم بذنب. وبعد بيت ذي الإصبع:
ولا تقوت عيالي يوم مسغبة ... ولا بنفسك في العزاء تكفيني
* * *
وأنشد في هذا الباب:
(315)
(تدحرج عن ذي سامه المتقارب)