ومن جعل الناظرة العين، جعل مطفلاً بدلا ًمن ناظرة ولابد من تقدير محذوف أيضاً حتى يصح الكلام، وتقديره: وتتقي بناظرة ناظرة مطفل، ثم حذف المضاف. فهو إذن من إبدال الشيء وهما لعين واحدة. وذهب بعض النحويين - وأحسبه قول ابن كيسان- إلى أنه أراد وتتقي بناظرة مطفل، فلما فرق بين المضاف والمضاف إليه رد التنوين الذي كان سقط للإضافة. وعلى هذا كان يتأول قول الآخر:

رحم الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلعه الطلحات

وهذا القول خطأ لا يلتفت إلى مثله، لأن العرب إذا حالت بين المضاف والمضاف إليه لم تنونه، وذلك أكثر في الشعر من أن يحصى كقوله:

كأن أصوات من إيفالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج

وليس ينبغي أن يحمل الشيء على الشذوذ إذا وجد له وجه صحيح يحمل عليه. وقوله من وحش وجرة (من) فيه متعلقة بمحذوف لأنها في موضع خفض على الصفة لناظرة، فمن اعتقد أن الناظرة البقرة، فتقدير الكلام: بناظرة بقرة كائنة من وحش وجرة، فحذف الموصوف. ومن اعتقد أن الناظرة العين فتقدير الكلام بناظرة بقرة كائنة من نواظر وحش وجرة، ففيه مجازان: حذف موصوف، وحذف مضاف.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015